كتاب تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (اسم الجزء: 2)

والغنيمة.
وقيل: قالوا ذلك للمؤمنين.
(قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ)
يعني النصر والفتح كلّه بيد اللَّه.
(يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ):
والذين يخفون قولهم: لو أقمنا في منازلنا ما قتلنا هاهنا، وقيل: يقولون: (لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)، قالوا: ليس لنا من الأمر من شيء؛ إنما الأمر إلى مُحَمَّد، ولو كان الأمر لنا ما خرجنا إلى هَؤُلَاءِ حتى قتلنا هاهنا.
قال اللَّه - تعالى -: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ): قيل: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) كما يقولون: (لَبَرَزَ)، يعني: لخرج من البيوت (الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ)؛ ليقتلوا.
وقيل: من كتب عليه القتل يظهر الذي كتب عليه حيث كان.
وقيل: إذا كتب على أحد القتل لأتاه، ولو كان في البيت، وكقوله: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)، وقيل: متى كتب اللَّه على قوم القتل فلم يموتوا أبدًا؟! وفي هذا بيان أن الآجال المكتوبة هي التي تنقضي بها الأعمار: إن كان قتلًا فقتل، وإن كان موتًا فموت، لا على ما قالت المعتزلة: إن القتل تعجيل عن أجله المكتوب له وعليه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ):
والابتلاء هو الاستظهار؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) تبدي وتظهر، وذلك يكون بوجهين: يظهر بالجزاء مرة، ومرة بالكتاب، يعلم الخلق من كانت سريرته حسنة بالجزاء، وكذلك إذا كانت سيئة، أو يعلم ذلك بالكتاب.

الصفحة 511