كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 2)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذا باب حروف أجريت مجرى حروف الاستفهام وحروف الأمر والنهي
وهى حروف النفي شبهوها بألف الاستفهام، حيث قدم الاسم قبل الفعل؛ لأنهن غير واجبات، كما أن الألف وحروف الجزاء غير واجبة وكما أن الأمر والنهي غير واجبين، وسهل تقديم الاسم فيها لأنها نفي واجب، وليست كحروف الاستفهام والجزاء.
قال أبو سعيد وقد قدمنا أن قولك: " زيد ضربته " أجود من " زيدا ضربته " وقولك:
" أزيدا ضربته " في الاستفهام أجود من قولك: " أزيد ضربته "، وقد توسطت هذين البابين حروف يتقارب النصب فيها والرفع، وهي " ما " و " لا "، تقول: " ما زيدا ضربته " و " ما زيد ضربته " و " لا زيدا كلمته ولا عمرا أكرمته، وإن شئت قلت: " لا زيد كلمته " " ولا عمرو أكرمته ".
وإنما تقارب النصب فيها والرفع، لأنها تشبه حروف الاستفهام من جهة، وتشبه المبتدأ من جهة.
فأما شبهها بحروف الاستفهام؛ فلأنها حروف دخلت على المبتدأ فأخرجته من حد الإيجاب إلى حد النفي، كما أن حروف الاستفهام أخرجت ما دخلت عليه من الإيجاب إلى الاستفهام.
وأما شبهها بالمبتدأ فلأنها نقيضة المبتدأ، ونفي له، والنفي يجري مجرى الإيجاب، ألا ترى أنك إذا قلت: " قام زيد "، فنفي هذا أن تقول: " ما قام زيد "، تردّ الكلام على لفظه وتدخل حرف النفي.
وأنشد أبياتا بالنصب منها قول جرير:

الصفحة 3