كتاب الفائق في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

و (ح) {كنتم خير أمة} [آل عمران: آية ١١٠] الآية، واللام للعموم، ولأن عدمه إجمال، إذ لا عهد، والحمل على أركان الدين أو الماهية، أو بعض ما يلغي فائدة التخصيص بهذه الأمة، فيمتنع إجماعهم على الخطأ.
فإن قيل: إنه مبني على أنه للمدح على وجه الاختصاص، وهو ممنوع، بل المراد: الإخبارية، وإن شاركهم فيه غيرهم.
ثم هو في الماضي، أو إن كان في الحال لكنه باعتباره، ثم لا يجب تحققه في الاستقبال، والتمسك بعدم الفصل، دور.
وكونه متروك الظاهر، وخطاب مشافهة، وحجة ظنية، قد عرف جوابها ويخص الأول: بأن تسمية الواحد أمة مجاز، وكل واحد لا يكون خيرا من صاحبه.
وأجيب:
وعن (أ) أنه معلوم من صراحة الآية، وسياقها.
وعن (ب) أن (كان) زائدة أو تامة، سلمناه، لكن تأمرون يتناول الحال والاستقبال، فيثبت مدلولهما، إذ لا منافاة، ولا مفهوم لكان، سلمناه لكن لا يعار من المنطوق، وهو جواب الثالث.
وعن (ج) أنه إن قيل بجواز الاستعمال في مختلفين، أو هو كالعام بالنسبة إلى الحال والاستقبال - فظاهر، وإلا: فيتمسك بالاستصحاب.
(د) قوله تعالى: {وكونوا مع الصادقين} [التوبة: آية ١١٩] أي: في كل الأمور. لئلا يلزم (الأمر) بموافقة كلا الخصمين، وبموافقة كل منهما للآخر، ثم المراد: مجموع الأمة في كل الأمور دفعا لتكليف ما لا يطاق، والإجمال.
وزيف بأنه إنما يجب الكون معهم لو علم صدقهم، فلو استفيد صدقهم بذلك لزم الدور، ثم المراد (فيما صدقوا) فيه، فلم قلت: إنهم صادقون في كل الأمور؟ .
(هـ) قوله تعالى: {فإن تنازعتم} [النساء: آية ٥٩] الآية، شرط في إيجاب الرد إلى الله (تعالى) والرسول: التنازع، فعند عدمه لا يجب، بل اكتفى فيه بالاتفاق.

الصفحة 105