كتاب فصول البدائع في أصول الشرائع (اسم الجزء: 2)

تفريق الملاعنين ثلاثًا ثلاثًا لو حكم به القاض نفذ عندنا وقد أخطأ السنة.
لا يقال ينبغى أن لا ينفذ كما قال به زفر والشافعى لمخالفته الكتاب والسنة كما لو حكم بشهادة ثلاثة في الزنا.
لأنا نقول هذا مجتهد فيه فينفذ كما لو حكم بشهادة المحدود في القذف لأن تكراره للتغليظ وهو يحصل بالجمع وأدناه كاعلاه في المواضع الكثيرة ولا نعلم مخالفته للنص لأن الاجتهاد في محل الفرقة وهو غير مذكور في النص.
قال فخر الإِسلام وإنما ذهب المعتزلة إلى تعدد الحقوق وتصويب كل مجتهد لإيجابهم الأصلح وإلحاقهم الولى بالنبي الأصلح للعباد على الله تعالى تصويب الكل لينالوا الثواب وكذا ما قالوا إن إنعام الله تعالى في حق غير النبي كهو في حقه لكنه يبطله بشوم اختباره يقتض إصابة كل مجتهد لأنه ولي كإصابة كل نبي.
قيل فيه بحث لأنه مبني للتصويب لو كان ذلك لم يقل به من لا يقول بهما وليس كذلك فإن كثيرًا من أهل السنة قائلون بالتصويب دونهما وليس بشىء إذ لا مزاحمة بين الأصول لجواز أن يكون أمر واحد لازمًا لأمور فكون مبناه عندهم إياهما لا ينافي أن يكون عند غيرهم غيرهما.
فللمصوبة وجوه:
1 - أن التخطئة تسلتزم أحد المحذورين لأن القائل يما هو الخطأ من النقيضين إن وجب عليه الآخر وجب عليه النقيضان وإن لم يجب وجب الخطأ وحرم الصواب.
قلنا: إذا وجب على المجتهد ما أدى إليه رأيه مع مخالفة نص لم يطلع عليه أبدا مع أنه مخطئ ثمة بالاتفاق فهنا مع الاختلاف أولى.
2 - أن العمل بغير حكم الله ضلال ليس باهتداء فلو كان بعض الصحابة المجتهدين مخطئًا لم يكن متابعته اهتداء وقد قال عليه السلام "بأيهم اقتديتم اهتديته وبعبارة أخرى كل ما أدى إليه رأى المجتهد مأمورية وكل مأمور به حق فالكل حق.
قلنا اهتداء وحق من حيث فعل ما يجب عليه لإيصاله البغية وهي الثواب وإن لم يكن كذلك من حيث تعيين الحكم والصدق ببعض الاعتبارات كاف في أصل الصدق كما فكرنا فيما يخالف النص ولم يطلع عليه أبدًا.
3 - إن المجتهدين مكلفون بنيل الحق فلو كان واحدًا لكان مأمورًا بإصابته بعينه وليس في وسعه لغموض طريقه فكان تكليفًا بالمحال.
قلنا بل مكلفون يما أدى إليه مبلغ وسهم وغاية سعيهم.

الصفحة 481