كتاب فصول البدائع في أصول الشرائع (اسم الجزء: 2)

وإلانصاف.
الثامنة مسألة التفويض إذا فوض الله بقوله احكم بما شئت بروية فلا خلاف في جوازه وبقوله احكم دمًا تشتهيه كيف اتفق فإنك لا تحكم إلا بالحق فقطع موسى بن عمران بجوازه ووقوعه في حق نبينا عليه السلام والمعتزلة بمتناعه والمختار الجواز وعدم الوقوع.
لنا في جوازه عدم امتناعه لذاته ولا غيره يمنعه وفي عدم وقوعه أولًا أنه عليه السلام لو أمر بذلك لما نهى عن اتباع هواه إذ لا معنى له إلا حكمه كيفما يريد.
لا يقال لما كان بالأمر لم يكن اتباع للهوى لأنا نقول فماذا ينهى بنهي اتباع الهوى.
وثانيا: لما قيل له مثلا لما أذنت للمانع أن التفويض مع جهل العبد بالمصالح يقضي إلى تفويتها قلنا لا تفويت فإن اللازم من الجهل جواز التفويت لا نفسه والمحذور وهو نفسه لازم الوقوع وهو ممنوع كيف ومن الجائز أن لا يفوض إلا لمن يعلم أنه يختار ما فيه المصلحة.
للقائل بالوقوع أولا قوله تعالى: {إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: 93] ولا يتصور إلا بتفويض التحريم إليه وإلا كان المحرم هو الله تعالى قلنا بل قد يحرم على نفسه بدليل ظني، وثانيًا: قوله عليه السلام في مكة لا يحتلى خلاها ولا يعضد شجرها فقال العباس إلا الإذخر فقال النبي عليه السلام إلا الإذخر دل على التفويض إلى رأيه حيث أطلق المنع ثم استثنى بالتماسه.
قلنا إما أن الإذخر ليس من الخلاء والاستثناء منقطع بمعنى لكن أو لم يرد العموم ابتداء ففهمه السائل فقرر ما فهمه والاستئناء منقطع يمعنى لكن أو لم يرد العموم ابتداء ففهمه السائل فقرر ما فهمه والاستثناء منقطع يمعنى لكن أو لم يرد العموم ابتداء ففهمه السائل فقرر ما فهمه والاستثناء من المقدر والمكرر أو نسخ التعميم الأول بوحى سريع كلمح البصر والاستثناء من المقدر المكرر.
وثالئًا: أحاديث "لولا أن أشق" "وكنت نهيتكم" ونحو قوله عليه السلام في الحج "لو قلت نعم لوجب" وقوله عليه السلام "عسيت أن أنهى أمتي أن يسموا نافعًا وأفلح وبركة" وقوله عليه السلام لما قيل له إن ماعزًا رجم "لو تركتموه حتى انظر في أمره" وقوله عليه السلام حين أنشدت ابنة نضر بن الحارث في أبيها حين قتل:
أمحمد ولانت نجدٍ نجيبه ... في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق

الصفحة 492