كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

حازم ومحمد بن مسلمة: لا يقتل من أسر دينًا حتى يستتاب والإسرار والإظهار في ذلك سواء.
قلت: وبه قال ابن لبابة قياسًا على المرتد؛ لأنه من الذين كفروا فيعتبر في معرفة انتهائه عن الكفر في إقراره بالإسلام؛ لأنه غاية المقدور في ذلك واحتمال بقائه على مذهب الكفر لا يمنع من إجراء حكم الإسلام عليه إذ قيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأجاب بقوله: " فهلا شققت على قلبه"، وظاهر كلام الشيخ: ولو جاء تائبا، وهو كذلك نقله ابن شاس عن بعض المتأخرين وقال المتيطي: تقبل توبته.
قال غير واحد، وهو مقتضى قول سحنون في شاهد الزور: إنه إذا جاء تائبًا لا يعاقب، وقال ابن الحاجب: الأصح قبوله وارتضاه ابن عبد السلام معبرا عنه بالصحيح لقوله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) [الأنفال:38]
ولو تزندق يهودي أو نصراني فقال أصبغ: لا يقتل؛ لأنه خرج من كفر إلى كفر وقاله مطرف، وابن عبد الحكم.
وروي عن مالك، وقال ابن الماجشون: بل يقتل؛ لأنه دين لا يقر عليه، ولا تؤخذ عليه الجزية، قال ابن حبيب: لا أعلم من قاله غيره، ولا أقول به.
قال الباجي: يحتمل أن يريد بالزند هنا الخروج إلى غير شريعة مثل التعطيل ومذاهب الدهرية، وحكى الشيخ عن ابن أبي محمد عن أبي بكر بن محمد، قال: روى عبد الرحمن بن إبراهيم الأندلسي في النصراني أو اليهودي يتزندق أنه يقتل؛ لأنه خرج من ذمة إلى ذمة، ولو أسلم لقتل كمسلم تزندق ثم تاب.
وعزا الفاكهاني قول ابن الماجشون لنقل مكي في تذكرته.
واعلم أن في كلام الشيخ تقديم التصديق على التصور، وقد علمت ما فيه.
(وكذلك الساحر، ولا تقبل توبته):
ما ذكر الشيخ مثله حكي القاضي عبد الوهاب أنه لا يستتاب وحمله عليه قول مالك، وقال ابن عبد الحكم وأصبغ هو كالزنديق من كان للسحر والزندقة مظهرًا استتيب وكلاهما ذكره الباجي.
وروى ابن نافع عن مالك في المبسوط في المرأة تقر أنها عقدت زوجها عن نفسها أو عن غيرها من النساء أنها تنكل، ولا تقتل ولو سحر نفسه لم يقتل بذلك وقبله الشيخ أبو محمد وغيره.
وقال بعض شيوخنا: الأظهر أن فعل المرأة سحر، وأن كل فعل ينشأ عنه حادث

الصفحة 317