كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

في أمر منفصل عن محل الفعل سحر.
وفي الموازية من لم يباشر عمل السحر أو جعل من يعمله فإنه يؤدي أدبًا شديدا وفيها أيضًا في الذي يقطع أذن المرأة أو يدخل السكاكين في جوف نفسه إن كان سحرًا قتل به، وإن كان خلافه عوقب.
قال الشيخ شهاب الدين القرافي في كتاب الانتقاد في الاعتقاد: من اعتقد أن هاروت وماروت بالهند يعذبان على خطيئاتها فهو كافر بل هم رسل الله وخاصته يجب تعظيمهم وتوقيرهم وتنزيههم ومن لم يعتقد ذلك وجب إراقة دمه.
وقبله الفاكهاني وهو الحق الذي لاشك فيه وعليه الأكثرون وكذلك قال به بعض شيوخنا القرويين واشتد نكيره على الشيخ أبي الفرج بن الجوزي رحمه الله تعالى في في كلامه فيهما بما يقتضي ذلك وتعرض للملائكة بكلام شنيع فظيع لا يقدر أحد على سماعه ذكره في كتابه المسمى بالدرياق في أوائله فاحذر من قراءة ذلك المحل منه، والميل لجميع ما دل عليه مما ذكرناه وكان إنكار شيخنا لما ذكرنا لما قرأته عليه في درسه في حال صغرى بالقيروان بمحضر الطلبة.
وبعض العوام فهم أن يسكتني فتماديت إلى أن فرغت الدولة فقال: ما أشك أن هذا الكلام كفر فالعجب من الشيخ رحمه الله تعالى، وكذلك قرأته بجامع القصبة من تونس في حال كتبي لهذا الموضع على شيخنا أبي مهدي رحمه الله تعالى خاليا عن الناس فأنكره أشد إنكار وتفجع على الشيخ رحمه الله، وقال: لم أزل أسمع أن أهل بغداد تكلموا فيه فلعل هذا المحل هو الموجب لكلامهم أو هو أحد الموجبات قال أصبغ: ولا يقتل الساحر حتى يثبت أن ما فعله من السحر الذي وصفه الله تعالى بأنه كفر قال: ويكشف عن ذلك من يعرف حقيقته.
قال الباجي: يريد ويثبت ذلك عند الإمام وقد استصوب بعض المتأخرين كلام أصبغ هذا، وحكاه الطرطوشي عن قدماء الأصحاب، واستشكل قول مالك أن تعلمه وتعليمه كفر وكذلك استشكل جواب من أجاب عن ذلك الإشكال بأن السحر علامة على الكفر فقال: لا إنا نتكلم في هذه المسألة باعتبار الفتيا.
قال ونحن نعلم أن حال الإنسان في تصديقه لله ولرسوله بعد عمل هذه الأعمال كحاله قبل ذلك وإن أراد الخاتمة فمشكل لأنا لا نكفر في الحال بكفر واقع في المال.
قلت: ولم يتعرض الشيخ رحمه الله لتبيين السحر، ولعل ذلك لصعوبته عنده، والله أعلم.

الصفحة 318