كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

بكافر فالأقرب قول أبي حنيفة أنه لا يقتل ولمتأخري أهل المذهب صوغ إلى ذلك إذ الأصل بعد الحكم بالإسلام حقن الدماء. قال صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" قال: وهذا الحديث وإن كان مخصوصًا يعني بالمحارب وشبهه فلا يضر ذلك في الاستدلال به في غير محل التخصيص.
قلت: ونقل الفاكهاني الاستدلال بالحديث لأبي حنيفة وقال: كون الحديث على تقدير صحته مخصوصًا بما ذكر يدل على أنه متروك الظاهر، وأورد على المشهور أنه يقتل حد بأنه لو كان كذلك لم يسقط بتوبته قبل إقامة الحد عليه كسائر الحدود.
وقال ابن عبد السلام: ويمكن أن يقال: إن الترك الموجب لقتله حدا إنما هو الترك الجازم، وذلك لا يتحقق إلا بعد إقامة الحد عليه، واختلف إذا قال أنا أصلي، ولم يفعل فقيل يقتل قاله مالك.
وقيل: لا يقتل قاله ابن حبيب نقله عنه غير واحد وليس هو مناقضًا لأصله.
قال التادلي: وقول ابن حبيب هو ظاهر كلام الشيخ، وكذلك اختلف في قتله إذا امتنع من قضاء الفوائت على قولين للمتأخرين واستدل من قال بعدم قتله بالخلاف في وجوب القضاء عليه.
قال المازري: وبإجازة مالك تأخير القضاء للشغل.
(ومن امتنع من الزكاة أخذت منه كرها):
يعني وتجزئه وأخذ من قولهم هذا أن الزكاة لا تفتقر إلى نية لظهور المنافاة بين التقرب وأخذ أيضًا من أحد القولين أن الفقراء شركاء لأن وصول الشريك إلى حقه مما في يد شريكه لا يشترط فيه لا نية القابض، ولا نية الدافع ورد ابن القصار الأول بأنه يعلم فتحصل النية.
وقال ابن العربي في الزكاة المأخوذة كرها إنها تجزئ ولا يحصل الثواب.
قلت: وأفتي شيخنا أبو محمد عبد الله الشبيبي رحمه الله تعالى في الفقير إذا قدر أن يأخذ من مال من يعلم أنه لا يزكي قطعا قدر ما عليه من الزكاة أنه لا يجزئ إذا لا شعور لصاحبه بخلاف المكره.
(ومن ترك الحج فالله حسيبه):
قال الفاكهاني: قال أهل اللغة: معني حسيبك الله أي انتقم الله منك قال: ويريد الشيخ أنه لا يقتل لاختلاف الناس في وجوب الحج هل هو على الفور أو على التراخي والمشهور من مذهب مالك أنه على التراخي بخلاف تارك الصلاة فإن أوقاتها معروفة.

الصفحة 320