كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

فقال: إن قلت: المتعذر في الحرابة عادة إنما هو الإغاثة وليس الاستغاثة فإن المسلوب يستغيث وجد مغيثا أم لا فلا تتعذر الاستغاثة أصلاً.
وأجاب بأن استغاثة المعدوم ومن لا تنفع إغاثته كلا شيء وإنما المعتبر الاستغاثة التي ترجى معها الإغاثة وهذا النوع من الاستغاثة هو المعتبر في الكلية، وقال بعض شيوخنا: الحرابة الخروج لإخافة السبيل بأخذ مال محرم بمكابرة قتال أو خوفه أو إذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع الطريق لا لإمرة أو نائرة، ولا عداوة فيدخل في قوله، والخناقون والذين يسقون الناس السيكران ليأخذوا أموالهم محاربون.
(فإن قتل أحدا فلابد من قتله):
ما ذكره هو المشهور في المذهب وقال أبو مصعب الإمام فيه بالخيار وظاهر كلام الشيخ ولو عفا عنه أولياء المقتول وهو كذلك وظاهر كلام أهل المذهب ولو رأي الإمام من حسن المصلحة إطلاقه لكثرة إذاية الذين وراءه كأعراب إفريقية لفعل والله أعلم.
وأفتي شيخنا أو مهدي عبد الله الشبيبي رحمه الله تعالى بالعفو عن نحو أربعين محاربًا أخذوا في حالة واحدة بالقيروان والحالة هذه وبه أقول ومال إليه شيخنا أبو مهدي رحمه الله، وظاهر كلامه: وإن كان المقتول غير كفؤ وهو كذلك وصرح به بعد وقد قتل عثمان رضي الله عنه مسلمًا قتل ذميا حرابة.
(فإن لم يقتل فيسع الإمام فيه اجتهاده بقدر جرمه وكثرة مقامه في فساده فأما قتله أو صلبه ثم قتله أو يقطعه من خلاف أو ينفيه إلى بلد يسجن بها حتى يموت):
ما ذكر الشيخ هو قول مالك وغيره وفهموا قوله تعالى: " إنما جزؤا الذين يحاربون الله ورسوله) [المائدة: 33]
الآية على التخيير الاجتهادي فكل ما رآه الإمام سدادا تعين ولا يجوز الانتقال لغيره.
قال ابن عبد السلام: فعلى هذا يكون لا فرق بين قولنا أو للتخيير هنا، ولا بين قول غيرنا إنها للتفصيل.
قلت: فيما نسبه للمذهب دون ذكر غيره قصور وكذلك في فهمه نظر لقول اللخمي في كونه على الترتيب أو التخيير روايتان للأكثر، وابن وهب فعلى الترتيب إن لم يخف ولم يأخذ مالا، ولا قتل أخذ فيه بأسر الحكم ابن القاسم، وهو أن يجلد وينفي ويسجن في الموضع الذي نفي إليه، وإن أخاف أو أخذ مالا أو جمعهما خير في قتله وقطعه، وكذلك إن طال أمره ونصب، ولم يأخذ مالا، وإن طال زمنه وعلا أمره،

الصفحة 323