كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

(وإن رجع المقر بالزنا أقيل وترك):
ظاهره رجع إليى شبهة مثل أن يقول أصبت امرأتي حائضًا فظننته زنى أو لا، وهو قول ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم، وروي عن مالك، وقيل: لا يقبل إذا رجع لغير شبهة قاله أشهب، وعبد الملك، وروي عن مالك أيضًا وكلاهما حكاه الباجي وزعم ابن المواز أن أصحاب مالك لم يختلفوا في رجوعه للشبهة وقبله غير واحد كالباجي.
قلت: وفيه نظر لقول ابن زرقون حكي الخطابي في شرح السنن عن مالك عدم قبوله، وهو غريب فظاهره ولو رجع إلى شبهة.
(ويقيم الرجل على عبده وأمته حد الزنا إذا ظهر حمل أو قامت بينة غيره أربعة شهداء أو كان إقرار):
ما ذكره هو مذهبنا واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: " وإذا زنت أمة أحدكم فليجلدها .. " الحديث فظاهره مخاطبة السادات ورؤية السيد لا أثر لها بالنسبة إلى إقامة الحد عليها.
قال ابن عبد السلام: وهو مقتضى القواعد؛ لأنه كالقاضي، وهو لا يحكم بعلمه ولا سيما في الحدود وقيل: إنه معتبر وهو ظاهر الأحاديث.
قلت: وكلاهما نقله ابن الحاجب عن مالك، وأطلق القول في ذلك وقبله الباجي وعزا اللخمي الثاني لرواية المبسوط، وقال: وقد قال عبد الملك إن رأى أمته تزني لم يجلدها إذ ليس للسلطان أن يجلدها برؤيته فإن كان حمل أو ولد فله أن يحد به.
قلت: وهو ظاهر كلام الشيخ فالأقوال على هذا ثلاثة.
(ولكن إن كان للأمة زوج حر أو عبد لغيره فلا يقيم الحد عليها إلا السلطان):
يريد إذا كان الزوج مملوكا لغيره، وأما إن كان عبده فله إقامته عليها، وهذا التفصيل ذكره اللخمي وغيره عن مختصر ابن عبد الحكم.
قال أبو إسحاق التونسي: وكذلك العبد إن كانت له زوجة حرة أو أمة لغير سيده فلا يقيم الحد عليه إلا السلطان.
قلت: وهذا هو الصواب وبه أقول، ولم يحفظه ابن عبد السلام بل جعل المذهب أنه يقيمه عليه قائلاً: لا يلحق المرأة عار إذا حد زوجها، وهو بعيد؛ لأن العيان يشهد بخلافه.

الصفحة 331