كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

نصابًا أخرجه من حرزه بقصد أخذه خفية لا شبهة له فيه.
وما ذكر الشيخ أنه يشترط أن يكون مقدرا المسروق ربع دينار أو ثلاثة دراهم هو مذهب الجمهور، وقال الحسن وغيره: ويقطع فيما سرق مما تكون له قيمة وإن قل واحتجوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده".
وتأوله الجمهور كما قاله البخاري قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أنه مما يساوي دراهم واضطرب العلماء في مقدار ما يقطع فيه على عشرة أقوال محلها المطولات.
وظاهر كلام الشيخ أن التقويم لا يكون إلا بالدرهم من غير اعتبار غالب مما يباع به ذلك العرض، وهو كذلك على المشهور، وهو ظاهر المدونة ونص الموازية وقيل: يبنى على الأغلب قاله الأبهري وعبد الوهاب وتؤول على المدونة وقيل: إن التقويم لا يكون إلا بالذهب ولو كان المسروق دراهم حكاه ابن حارث عن ابن عبد الحكم وبه قال الشافعي، ونقل عبد الحق عن بعض شيوخ صقلية أن السرقة إن كانت في بلد إنما يتعامل فيه بالعروض قوم في أقرب البلدان إليه التي يتعامل فيها بالدراهم.
قال ابن رشد: وهو خطأ صراح إذ قد تكون ببلد السرقة كاسدة لا قيمة لها فيه، وفي قيمة بلد الدراهم كثيرة فيؤدي إلى قطع اليد في أقل من نصاب، ويريد الشيخ أنه إذا سرق ما يقطع فيه مرة واحدة، وأما لو كان عن تكرار فلا يقطع مطلقًا.
وقال سحنون: إلا في فور واحد، قال في المدونة: ولو سرق ثوبًا قيمته دون النصاب وفيه دنانير أو دراهم لا يشعر بها قطع بخلاف حجر، أو خشبة فيهما ذلك، وقيدها اللخمي بما إذا كان الثوب مما جرت العادة أنه يحمل فيه الدراهم كالصر وإلا فشبهة تدرأ الحد.
ونص أصبغ على أن من سرق ليلا عصا مفضضة وفضتها ظاهرة، وقال: لم أر الفضة بالليل فإن رئي أنه لم ير ذلك لم يقطع، وأقام ابن رشد من مسألة المدونة مثل ما قال ابن كنانة فيمن حلف أن لا يأخذ من فلان درهما فأخذ منه قميصًا وفيه درهم مصرور وهو لا يعلم ثم لما علم رده إنه إن كان مما تجعل في مثله الدراهم فهو حانث، وإلا فلا. قال أشهب: لا شيء عليه، وقال ابن القاسم: إنه حانث ورد ابن عبد السلام الإقامة المذكورة بأن البابين مختلفان لما قد علمت أن الحدود تدرأ بالشبهات وإن

الصفحة 339