كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

شعبان قائلا: لما نهي عنه من الضرر الضرار، وهو أيضا ظاهر ما في مديان المدونة قال فيها: ومن أدى عن رجل دينا بغير أمره أو دفع عنه مهر زوجته جاز ذلك إن فعله رفقا بالمطلوب، وأما إن أراد الضرر بطلبه وإعناته وأراد حبسه لعدم أو لعداوة بينه وبينه منع من ذلك كله ويقوم من كلامه أيضًا من أن القاضي لا يحكم على عدوه، وهو كذلك قاله أبو محمد في نوادره عن ابن المواز.
فإن قلت: لا نسلم أن هذا يقوم من كلام الشيخ؛ لأن حكم القاضي ظاهر فإذا حكم عليه سأل غيره من أهل العلم عن حكمه بخلاف الشهادة فإنها خفية؛ لأنه يشهد عن علمه، وبهذا الذي ذكرنا استدل الماوردي في الأحكام السلطانية في أنه لا يحكم على عدوه ولا يشهد نقله ابن الحاج في نوازله عنه.
قلت: ومن أحكام القاضي ما هو باطن أيضا كالتعديل والتجريح بلا فرق والله أعلم. ولهذا قال ابن الحاج: هو خلاف مذهب مالك وخلاف ما في نوازل سحنون من أقضية العتبية.
(ولا يقبل إلا العدول):
قال ابن الحاجب: العدالة المحافظة الدينية على اجتناب الكذب والكبائر وتوقي الصغائر وأداء الأمانة وحسن المعاملة ليس معها بدعة فإنها فسق.
وما ذكر الشيخ فهو مذهبنا وقال الشافعي: الناس محمولون على العدالة حتى يثبت نقيضها وظاهر كلام الشيخ ولو كان العدل مولي عليه السوء نظره في المال لا يجرحه، وهو كذلك رواه أشهب.
وقيل: لا تقبل شهادته، قال ابن المواز وأشهب وأخذ من كتاب الشهادات من المدونة.
(ولا تجوز شهادة المحدود ولا شهادة عبد ولا صبي ولا كافر):
ما ذكر الشيخ من أن شهادة المحدود لا تجوز هو كذلك باتفاق معناه إذا لم يتب كما يقوله الآن وما ذكر أن شهادة العبيد غير معمول بها هو كذلك باتفاق أهل المذهب وخارج المذهب قول بجوازها لغير السيد محتجا بقوله تعالى: (ممن ترضون من الشهداء) [البقرة: 282]
، وبقوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) [الطلاق:2]
، والعبد قد يكون عدلا مرضيا ورد بأن الآيتين مخصوصتان بقوله تعالى: (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) [البقرة: 282]
، والعبد لا يتصرف إلا بإذن سيده.
قال ابن شعبان في زاهيه: قيل: ولو عتق العبد وشهد حينئذ فإنه ينظر في حاله

الصفحة 362