كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

بخلاف الكافر إذا شهد حين أسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما قبله" وكذلك الصبي قرب احتلامه.
وما ذكر أن شهادة الصبي لا تجوز هو كذلك باتفاق؛ لأنه غير مكلف، واختلف في شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح للضرورة وإذا لم تجز شهادة الصبي فأحرى من لا عقل له والكافر لا تجوز شهادته باتفاق وخارج المذهب قول بجوازها في الوصية.
وأما شهادة المسلم على الكافر فإنه معمول بها نص على ذلك في المدونة وأقام منها بعض من لقيناه من القرويين أن شهادة الرعية على الوالي معمول بها؛ لأن العداوة العامة لا أثر لها قال: ونص على ذلك ابن جرير رحمه الله، وأول ما سمعت هذه الإقامة من شيخنا هذا حفظه الله تعالى لما نزلت بقاضي القيروان في واليها تعرض إلى الجانب العالي أسأل الله السلامة من ذلك فشهد عليه جماعة من أهلها وزكوا وعذر بذلك فسأله عنها فأفتاه بذلك وسلم له ذلك أهل العلم ببلدنا وغيرها وترد الإقامة، وإن كنت أقول بموجبها؛ لأن العداوة التي بين المسلم والكافر إنما هي دينية، وقد علمت أنه لا أثر لها بخلاف العداوة التي بين الرعية والوالي إنما هي دنيوية والعداوة الدنيوية معتبرة والله أعلم.
(وإذا تاب المحدود في الزنا قبلت شهادته إلا في الزنا):
اعلم أنه إذا ثبتت التوبة لا يشترط مضي زمان بل التوبة كافية، وقيل: لابد من مضي ستة أشهر، وقيل: لابد من سنة، وما ذكر الشيخ رحمه الله من أن شهادة المحدود في الزنا وكذلك شهادة من حد في شيء لا تجوز شهادته فيه هو كذلك على المشهور، وبه قال سحنون.
وقال ابن كنانة وأصبغ وروي عن مالك أنها تقبل واختاره الأبهري. قال المازري: وهو مذهب الكتاب وعزاه ابن يونس لبعض شيوخه ولم يرتضه قائلا: ليس في الكتاب دليل عليه والقياس هو قول سحنون والجماعة الفرق على مذهب ابن كنانة بين ولد الزنا ومن حد في شيء أن ولد الزنا لا يندفع عاره بالتوبة وغيره يندفع كاندفاع الكفر بالإسلام وضعف ابن يونس هذا الفرق وزعم أنها في الجميع باقية؛ لأنها إذا بقيت في ولد الزنا وليس الزنا من فعله كانت في الزاني أبقى؛ لأنه من فعله.

الصفحة 363