كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

ظاهر كلامه أن الكذبة الواحدة لا أثر لها وهو كذلك ومثله أقام غير واحد من المتأخرين من قول المدونة ومما يجرح فيها الشاهدان عليه بين أنه شارب خمر أو آكل ربا أو صاحب قيان أو كذاب في غير شيء واحد فأفتى بصيغة فعال للمبالغة ليدل على التكرار، وأشار بقوله أيضا في غير شيء إلى الكذب الجائز لا يقدح كالكذب للصلح بين المتهاجرين، واشتراط الشيخ الإظهار في الكبيرة لا مفهوم له بل إذا شهد عليه أنه فعل حراما كبيرا مستترا فإنه يقدح كما هو ظاهر المدونة كما تقدم في لفظها.
ظاهر كلام الشيخ أن مظهر الصغيرة لا يقدح في شهادته وليس كذلك وقد تقدم لابن الحاجب أنه اشترط في العدالة توقي الصغائر وظاهر كلام ابن القاسم في العتبية أن من ترك الجمعة مرة واحدة إنها جرحة في شهادته وبه قال أصبغ، وقيل: إن تكرر تركه ثلاث مرات، قاله ابن الماجشون وغيره.
وأما من اقتصر على الزكاة فشهادته جائزة ونقل الباجي عن أصحابنا أنها ترد وسبب الخلاف هل ينتفي عنه اسم البخل أم لا؟ وقد أكثر الشيوخ الكلام فيما يجرح به الشاهد لأنه مضطر إليه فمن شاء فلينظره في المطولات.
قال الفاكهاني: وقول الشيخ ولا جار إلى نفسه فهو أن يشهد لشريكه في شيء من مال الشركة.
(ولا وصي ليتيمه وتجوز شهادته عليه):
مثاله من أعتق عبدا فلا تجوز شهادته لسيده أنه أدى دينه؛ لأنه يباع فيما على سيده من دين قال: وقوله: ولا وصي ليتيمه راجع في المعنى إلى قوله: ولا جار، وإنما كرره ليقول وتجوز شهادته عليه وذكر عبد الوهاب رواية أن شهادة الوصي على من يلي عليه لا تجوز لأنه يتهم في أن يريد أن يخرج عن أيديهم مالا قد تعين عليه حفظه ويسقط عن نفسه ما لزمه بقوله.
(ولا يجوز تجريح النساء ولا تعديلهن):
زاد في المدونة: لا للرجال ولا النساء وهو واضح لما تقدم من أن شهادتهن إنما هي جائزة في المال فإن قلت: لم لم يجز ذلك وهل هي شهادة على غير المال تؤول إلى المال؟ وقد علمت أن ابن القاسم أجاز شهادتين في ذلك.

الصفحة 366