كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

قلت: قال بعض شيوخنا لما كان لا يقتصر تجريحهن على الشهادة التي شهدن فيها من جرحته بل يتعدى إلى غيرها أشبهت الحكم في البدن والله أعلم.
(ولا يقبل في التزكية إلا من يقول عدل رضي):
أي هو عدل ف ينفسه رضي في أفعاله. قال الفاكهاني، ويريد الشيخ، وكونه من أهل اليقظة والتحرز نص على ذلك ابن عبد الحكم قائلا: قد يكون الرجل الخير الفاضل ضعيفا لا يؤمن علهي لغفلته، وقد يلبس عليه وتابعه على ذلك شيوخ المذهب كابن رشد والباجي ويكفي في تعديل الغير أن يقول هو عدل رضي ولا بد منها قاله ابن الجلاب كما هو ظاهر كلام الشيخ ووجهه أن الله تعالى قال: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) [الطلاق: 2]
وقال عز من قائل: (ممن ترضون من الشهداء) [البقرة:282]
وزاد سحنون على الوصفين جائز الشهادة.
وقال بعض الأندلسيين: إن المعلوم من المذهب أنه إن اقتصر على أحد اللفظين من العدالة والرضى أجزأه، وروى ابن كنانة: يقبل إذا قال أعلمه وأعرفه عدلا رضيا جائز الشهادة ولا يقبل إذا قال لا أعلمه إلا عدلا رضيا.
وقال ابن عبد الحكم وغيره: يكفي أن يقول أراه عدلا رضيا، وليس عليه أن يقول هو عدل رضي عند الله ولا يقول أرضاه لي وعلي.
واعلم أنه لا يجب ذكر سبب التعديل بلا خلاف في المذهب، وذكر أرباب الأصول فيه خلافا، واختلف في سبب التجريح على أربعة أقوال: فقيل: يجب وقيل: لا وقيل: إن كان عالما بوجهه لم يجب قاله مطرف، وقيل: إن كان مبرزا لم يجب قاله أشهب.
قال ابن عبدالسلام: والأقرب أنه لابد من ذكره لاختلاف العلماء في كثير من أسبابه مع غموض بعضه وقد جرح أقوال من المحدثين ونسبوهم إلى أشياء هم منها براء، واستفسر بعضهم من جرحهم ما لا يصلح أن يكون جرحة، فقال بعضهم: رأيت فلانا يبيع ولا يرجح الميزان، وقال بعضهم: رأيته يغتاب بحضرته، ولا ينكر وجرح شاهد شاهدا فقال لما سئل عن الجرحة رأيته يبول وهو قائم فقيل له: وإذا بال قائما ماذا يكون؟ قال: يتطاير عليه بوله فقيل له: هل رأيته صلى به بعد ذلك فقال لا فظهر غلطه.
(ولا يقبل في ذلك ولا في التجريح واحد):
إنما لا يقبل في ذلك واحد؛ لأن التعديل والتجريح أمر ظاهر لا يخفى فشهادة

الصفحة 367