كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

وليس كذلك بل هو مشهور المذهب، وقيل: إنها باطلة كشهادتهم في المال قاله ابن عبد الحكم ومحمد بن صدقة ومطرف كذا عزاه ابن زرقون ولم يعزه ابن رشد إلا لمطرف كما أن اللخمي والمازري لم يعزواه إلا لابن عبد الحكم.
وظاهر كلام الشيخ أن شهادتهم في القتل لا تجوز وهو قول أشهب، وقال مالك: إنها مقبولة وهو المشهور والقولان في المدونة.
ولما ذكر الفاكهاني القولين قال بعد وظاهر الرسالة موافق لقول أشهب، وقد علمت المشهور ما هو فكأنه أشار إلى التعقب عليه لكونه كلامه إنما جاء على الشاذ، والمستقرأ من كلام الشيخ أنه لا يتعقب عليه بمثل هذا لأن طريقة أصحاب مالك طريقه مالك حسبما قدمنا ذلك عند قول الشيخ على مذهب مالك بن أنس رحمه الله وطريقته والمشهور اشتراط الحرية قال ابن زرقون وحكى القاضي عبدالوهاب في شرح الرسالة عن بعض متأخري أصحابنا أن شهادة العبيد منهم جائزة.
قلت: ولم يحفظه ابن رشد بل قال: لا أعلم في ذلك خلافا ولا بد أن يكون ممن يحكم لهم بالاسلام وممن يعقل الشهادة واعتبر ابن القاسم كونهم اثنين فصاعدا، وفي كتاب ابن مزين عن ابن نافع يقسم بشهادة الصبي الواحد وألزمه ابن هارون أن يحلف مع شهادته في الجراح، وتكون فيه الدية ومنع أشهب ومالك من المدونة شهادة إناثهم.
وقال ابن عبد السلام: في قول ابن الحاجب الإناث مطلقا، وفي المجموعة عن مالك تجوز شهادة غلام وجاريتين خاصة، وفي المدونة على المخزومي تجوز شهادة إناثهم.
وقال ابن عبد السلام: في قول ابن الحاجب، وفي اشتراط الذكورية قولان اضطرب المذهب في ذلك، وكذلك اختلف قوله المدونة في ذلك فظاهره أن قول مالك وابن القاسم اختلف فيها وليس كذلك.
ويقوم من كلام الشيخ أن شهادة النساء في الولائم، والأعراس مقبولة، وهو أحد قولي ابن الجلاب فذكر أولا عدم الجواز واعترض أصحابنا قبولهم قال: واعتبرها بشهادة الصبيان وذكرهما المازري روايتين.
فإن قلت: ما ذكرته يرد بقول سحنون لما قال له ولده يلزمك في غصب بعضهم من بعض في المال هذا موضع اتباع الماضيين ولا وجه للقياس فيما هو سنة أو كالسنة وقد فرقت الأئمة بين الدماء والأموال فقبلوا في الدماء ما لم يقبلوا في الأموال.

الصفحة 369