كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

الغاصب إنما يعطي قيمته منقوضا هو كذلك باتفاق إذ لا شبهة له وعكسه المشتري وهو إذا استحق من يده ربع بعد أن بنى فيه له قيمته قائما اتفاقا؛ لأنه دخل على التأبيد بوجه جائز.
واختلف في المكتري والمستعير ومن بنى في أرض زوجته فألحقهم ابن القاسم بالغصب وألحقهم ابن الماجشون ومطرف وابن حبيب بالمشتري ونص في المدونة على أن المشتري إذا أخذ بالشفعة من يده فإنه يأخذه قيمة ما بنى قائما فأخذ بعض شيوخنا بعمومه، وأفتى به، وكذلك شيخنا أبو مهدي وأكثر فتواه على حملها إذا لم يعلم المشتري بالشفيع فأما إن علم فله قيمته منقوضا.
وما ذكر الشيخ من إسقاط مقدار القلع من القيمة مثله لابن المواز وابن شعبان وقيده ابن رشد بما إذا كان الغاصب ممن لا يتولى ذلك بنفسه ولا بعبده وقيل: إنه لا يحط منه أجر القلع وتؤول على المدونة وإليه ذهب ابن دحون واعتل بذلك بأن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أن يأخذه بالقيمة بعد هدمه وكذلك أنكر ابن سهل كلام ابن المواز وأعتقد أن قيمة البناء مقلوعا تستلزم طرح أجرة القلع فلا ينبغي أن يسقط مرة أخرى.
قال خليل: وليس بالبين فإن تقويم البناء مقلوعا أعم من كل واحد من وجهين طرح أجرة القعل وعدم طرحه والأعم لا يستلزم الأخص.
قال ابن الجلاب: ومن غصب أرضا وزرعه ثم أدركها ربها في إبان الزراعة كان بالخيار بين ترك الزرع فيها وأخذ كراء مثله من غاصبها وبين قلع الزرع منها.
وأما إن أدركها وقد فات وقت إبان زراعتها ففيها روايتان أحدهما كما ذكرناه آنفا والرواية الأخرى أنه ليس له قلع الزرع منها وله أجرة مثلها.
قال المغربي في كتاب كراء الدور والأرضين انظر قول الشيخ في الرسالة والغاصب يؤمر بقلع بنائه وسكت عن الزرع فاختلف الشيوخ ولم يسكت هل لقلعه على القول بالقلع أو للتفصيل فيه بين قبل الإبان وبعده وهل فيه نفع لزارع أم لا؟ وهو إنما قصد الاختصار أو لأنه لم يبينه في المدونة فأعرض عنه الشيخ وهذا التأويل الأخير بعيد والأول أولى.
(ولا شيء عليه فيما لا قيمة له بعد القلع والهدم):
مثل هذا في المدونة قال فيها: وكل ما لا منفعة فيه للغصب بعد قلعه كالجص والنقش فلا شيء له فيه يريد وإذا أزاله فإنه يغرم قيمته.
وقال غير واحد ممن لقيناهم: وهو جلي واضح، قال المغربي: وأقاموا منها أن من استحق أرضا بعد أن زرعها للغاصب ولا منفعة له في الزرع أنه لربها فلا شيء عليه.
قلت ونقله الفاكهاني نصا عن ابن القاسم في المدونة بأثر ما ذكرناه وكذلك ما حفره من بئر أو مطمرة فلا شيء له في ذلك وقيدها غير واحد من الشيوخ بما إذا لم يطوها بالأجر، وأما لو طواها به لكانت كالبناء.
وقال سحنون في كتاب ابنه متمما للمدونة ولرب الأرض أن يكلفه بردها.
(ويرد الغاصب الغلة ولا يردها غير الغاصب والول في الحيوان وفي الأمة إذا كانت الولد من غير السيد يأخذه المستحق للأمهات من يد مبتاع أو غيره):
قد تقدم ما في غلة الغاصب من الخلاف وإنما كان غير الغاصب لا يرد الغلة؛ لأنه إنما وضع يده بوجه شبهة.
(ومن غصب أمة ثم وطئها فولده رقيق وعليه الحد):
قال الفاكهاني: وهذه المسألة ثابتة في روايتنا وهي ساقطة من بعض النسخ.
قلت: وإنما كان ولده رقيقا؛ لأنه لا شبهة له، ولذا يحد وهذا إذا قامت البينة أو

الصفحة 381