كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

كان إقرار بغصبها قبل الوطء وأما إن لم يكن إلا مجرد إقراره الآن بأن وطئ عالما فإنه يحد لأجل إقراره على نفسه بالزنا ويلحق به الولد لحق الله تعالى وحق الولد في ثبوت النسب، وهي إحدى المسائل التي يجتمع فيها الحد، وثبوت النسب وإليه النظر في نظائرها والقانون المذكور فيها.
قال ابن رشد: ويجب على الغاصب رد المغصوب بعينه إن كان قائما وإلا فمثله إن كان مثليا وظاهره ولو كان عينا، وفي الجلاب ولو امتنع غاصب عين من ردها وأراد أن يرد مثلها فقال ابن القاسم: يجبر ربها على ذلك وقال الأبهري: لا يجبر لخبث كسب الغاصب، وقيل: وقول ابن القاسم إنما أخذه له من البيع.
قلت: وقول الأبهري هو الصواب وأقام بعض شيوخنا من قول ابن القاسم: لو خلط زيتا بمثله وأراد أن يدفع مثله من غير أن ذلك له وعزاه المازري للشافعي ونقل رحمه الله عن أشهب أن لربه الأخذ منه وإن كره الغاصب ومن غصب غزلا ونسجه فإنه تلزمه القيمة.
وقيل: المثل والأول لابن القاسم والثاني لغيره وهما في أول المسألة من تضمين الصناع من المدونة والمراد بالغير أشهب إذ هو معزوله في الموازنة نقله الباجي إلا أنه لما ذكر القولين وعزاهما لابن القاسم، وأشهب، أخبر أن عزوه لهما نقله من الموازية وهو قصور إذ هما في المدونة كما سبق وتقدم اختلاف المذهب إذ مر على المغصوب وقت قيمته أرفع هل يلزم ذلك أم لا؟ واحتج عبد الملك بن الماجشون بقوله بأرفع القيم بأن على الغاصب أن يرد ما غصب في كل وقت فالوقت الذي كانت فيه أرفع القيم بقدر كأنه غصبه حينئذ وقبله غير واحد كاللخمي ويرد بأن لابن القاسم أن يمنع أن الدوام كالإنشاء، وأجرى اللخمي على القول بأرفع القيم إذ غصبه طعاما في شدة ثم قدر عليه في زمان الرخاء أنه يلزمه مقدار قيمته في زمان الغلاء؛ لأنه عطل عليه أسواقه، وفي العتبية عن مالك فيمن انتهب صرة وناس ينظرون إليه فطرحها في متلفة وادعى كذا وأكذبه ربها أن القول قول الغاصب وإن لم يفتحها.
وقال ابن كنانة وغيره: إن القول قول ربها إذا أشبه، ونص في المدونة والعتبية على وجوب اليمين على الغاصب إذا اختلفا في العدد.
قال خليل: ولم أر في الأمهات وجوبه إذا ادعى تلفا لكن نص فيها في الشيء المستحق إذا كان مما يغاب عليه إنه يحلف إذا ادعى المشتري تلفه وكذلك في رهن ما يغاب عليه ولا يمكن أن يكون الغاصب أسوأ حالا منها.

الصفحة 383