كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

في بنائه أو بيعه ممن يبني أو يمكن رب العلو من بنائه إن رضي على أن يشتركا فيه بقيمة كراء القاعة وقيمة كراء البناء إلا أن يعطيه بعد ذلك قيمة البناء قائما يوم يأخذه.
وسمع ابن القاسم في كتاب الأقضية من له حائط وهو سترة على جاره ليس له هدمه إلا لوجه يعلم أنه لم يقصد به الضرر، واختلف إذا انهدم على أربعة أقوال: فقيل: إن سقط بسماوي أو بهدم لخوف سقوطه لم يلزمه بناؤه وإن هدمه ليجدده أو لمنفعته أجبر عل بنائه إن كان له مال وإلا فلا وإن هدمه ضرر ألزمه بناؤه إن كان له مال، وإن لم يكن له مال بيع ممن يبنيه قاله ابن القاسم.
وقيل: يجبر مطلقا كالحائط بين الشريكين قاله مطرف وابن الماجشون وهو ظاهر قول سحنون، وقيل: كذلك إلا أنه إن لم يكن له مال بيع من داره ما يبني به فإن كانت بيده صدقة أو عمرى فلصاحبه بناؤه وأتبع به دينا في ذمته قاله ابن الماجشون، وقيل: لا يلزمه شيء بكل حال وهو قول أصبغ وروايته وكل هذه الأقوال ذكرها ابن رشد، ومن أراد أن ينظر حائطه من دار جاره ليس له منعه أن يدخل داره فلينظره، وكذلك لو قلعت الريح ثوب رجل فألقته في دار لم يكن لصاحب الدار منعه أن يدخل فيأخذه أو يخرجه له قاله سحنون.
(ولا ضرر ولا ضرار):
هذا حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال عياض: واختلف في معناه، فقيل: هما بمعنى واحد على طريق التأكيد، وقيل: بمعنيين أي لا يلزم لا ضرر من لم يقصد فاعله ولا ضرار الذي قصده وأتاه عمدا.
وقال الفاكهاني: قيل: هو على التأكيد وقيل: هي ألفاظ مترادفة والذي عندي فيه أن معنى لا ضرر استبداد أحدهما بالضرر ومعنى لا ضرار اشتراكهما في الضرر لأن الضرار مصدر ضارر على وزن فاعل مثل قاتل وخاصم، وهو لا يكون إلا من اثنين فيكون المعنى على النهي على أن لا يضر أحدهما نفسه دون صاحبه أو يضر كل واحد منهما الآخر، هذا أولى من التاكيد والترادف الذي الأصل عدمه فأشار بقوله آخرا أن ذكر الخلاف أولا إنما هو اختلاف عبارة لا حقيقة والله أعلم.
وذكر هذا الحديث ليبني عليه ما يقوله يليه، وقد احتج به في المدونة في النكاح حيث قال: ولا يكون الأب عاضلا لابنته البكرالبالغ في رده أول خاطب أو خاطبين

الصفحة 385