كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

حتى يتبين ضرره فإذا تبين قال له الإمام: إما أن تزوج وإلا زوجناها عليك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار".
وفي القسمة أيضا في قوله: وأنا أرى أن ما لا ينقسم إلا بضرر، ولا يكون فيما يقسم منه منتفع من دار أو أرض أو حمام فإنه لا ينقسم ويباع فيقسم ثمنه لقوله النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر، ولا ضرار".
(فلا يفعل ما يضر بجاره من فتح كوة قريبة يكشف جاره منها أو فتح باب قبالة بابه أو حفر ما يضر بجاره في حفره وإن كان في ملكه):
ما ذكر من أنه لا يفتح كوة تضر بجاره هو المشهور.
وقال ابن رشد وسند قول أشهب وابن الماجشون ومحمد بن مسلمة ومحمد بن صدقة من أصحاب مالك أنه لا يمنع ويقال لجاره استر على نفسك إن شئت.
قلت: وقوله إن شئت فيه تجوز بل هو الواجب ونبه عليه بعض شيوخنا وظاهر كلام الشيخ: وإن كان يشرف منها على بستان جاره أنه يمنع وهو أحد نقلي ابن الحاج في نوازله، قال: ولا خلاف أن له أن يطلع على المزارع.
وظاهر كلام الشيخ أن فتح الباب الذي لم يقابل جائز وإن كانت السكة غير نافذة ولا يفتقر إلى إذن وهو كذلك عن ابن القاسم في المدونة وعند ابن وهب في العتبية إلا أنهما جعلا ما يقارب كالمقابل.
وقال ابن زرب يمنع مطلقا إلا بإذن جميع أهل الزقاق وبه جرى العمل بقرطبة وعليه العمل عندنا بإفريقية أيضا.
وقيل: له تحويل بابه بحيث لا يضر لقربه سد الأول، وأما فتح باب آخر فلا وهو ظاهر قول أشهب، وأما السكة النافذة، فقيل: يفتح بابا أو حانوتا قبالة باب جاره قاله ابن القاسم في المدونة في كتاب القسمة، وبه قال أشهب.
وقيل: يمنع إلا أن ينكب عن ذلك قاله سحنون.
وقيل: إن كانت السكة واسعة جاز وإلا فلا قاله ابن وهب والسكة الواسعة سبعة أذرع فاكثر وما ذكر الشيخ في الحفر هو قول المدونة.
وقيل: إنه جائز قاله ابن كنانة، وقيل: إن استفرغ ماء بئر جاره منع وإلا فلا، وهو في سماع أشهب وابن نافع، وقيل: إن وجد بدا من احتفاره ولم يضطر إليه منع وإلا فلا قاله أشهب، وهذه الفروع الثلاثة من كلام ابن رشد.

الصفحة 386