كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

الإصلاح ولا يؤخر.
(وينبغي أن يمنع الرجل جاره أن يغرز خشبه في جداره ولا يقضي عليه بذلك):
يعني: يندب إلى إعارةا الجدار لغرز الخشب عليه، وقوله ولا يقضي عليه تأكيد لقوله وينبغي، وهذا هو المعروف ونص المدونة في الجعل والإجارة ونقل ابن رشد وابن زرقون عن ابن كنانة أنه تجب إعارته إن لم تكن في ذلك مضرة بينة على رب الجدار وزاد أبو إبراهيم يقضي به وعلى الأول فهل يلزم بمجرد الإذن فلو بدأ لربه قبل الغرز عليه فليس له ذلك أو له ذلك.
واختلف في ذلك على قولين، وأفتى ابن عات مع نقله عن الشيوخ بجواز الغرز بجدار المسجد أو الجامع لجاره كغير المسجد، وذهب مالك إلى المنع منه، والنفس إليه أميل؛ لأن محبسه لم يحبسه على شيء خاص.
واختلف في التعليق على جدار المسجد كما اختلف في الغرز فإن أعاد جداره ثم أراد الرجوع بعد الغرز فليس له ذلك إذا قصد الضرر فإن احتاج لجدار لهدمه أو لينتفع به فهو أولى، وهذا القول هو سماع ابن القاسم، وأشهب.
وقال في المدونة: فيمن أذن في بناء بأرضه أو غرس له أن يخرجه إذا أعطاه قيمة ما أنفق فقيل: هو اختلاف في قول قوله ابن لبابة، وابن أيمن وغيرهما، وقال سحنون: إنما الفرق بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنع أحدكم جاره .... " الحديث يريد لقول من حمله على الوجوب وبقي في المسألة أقوال لم نذكرها خشية الإطالة.
(وما أفسدت الماشية من الزرع والحوائط بالليل فذلك على أرباب الماشية ولا شيء عليهم في إفساد النهار):
ما ذكر من التفصيل هو قول مالك رحمه الله وحجته ما خرجه في الموطأ: أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضمانه من أهلها.
قال أبو عمر بن عبد البر: هو من مراسيل الثقات وتلقاه أهل الحجاز وطائفة من أهل العراق بالقبول وقيل: بالضمان مطلقا قاله يحيى بن يحيى من أصحابنا وهو قول الليث وعطاء وعزاه الباجي لرواية ابن القاسم وكذلك لم يحكه عياض في الإكمال إلا عن سحنون فقط وخارج المذهب قول بعدمه مطلقا لأبي حنيفة واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: "فعل العجماء جبار" ويرد بأنه مخصوص بما سبق، وقيد قول مالك

الصفحة 389