كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

بالضمان في الليل إذا كان الزرع مهملا لا حائط له.
وقال ابن عبد البر: يسقط الضمان نهارا عن أرباب الماشية إذا طلعت دون راع، وأما إن كان معها راع فلم يمنعها وهو يقدر على دفعها فهو كالقائد والراكب.
وقال ابن شعبان عن محمد بن حارث: هذا محمول على أن أهل الماشية لا يهملون مواشيهم بالنهار وعلى أنهم يجعلون معها حافظا، وراعيا وإن أهملوها فهم ضامنون، وهذا عكس ما قدمناه عن أبي عمر، وقيل: إذا كانت المزارع ممتدة لا يقدر أربابها على حراستها لم يكن على أهل المواشي شيء.
وقال بعض الشيوخ: العكس أولى؛ لأنه إذا كان الأمر هكذا كان على أربابها أن لا يخرجوها إلا براع، وهذا كله إذا لم تكن من المواشي التي شأنها العداء على الزرع، فإن كانت كذلك وتقدم إلى أربابها ضمنوا ما أصابته ليلا كان أو نهارا كالكلب العقور حكاه الباجي في رواية عيسى عن ابن القاسم في المدونة.
واختلف فيما لا يستطاع التحرز منه كالنحل والدجاج والحمام فقيل: لا يمنع من اتخاذها وإن أضرت، وعلى أهل القرية حفظ زرعهم وشجرهم، قاله أصبغ وابن القاسم، وابن كنانة.
وقيل: يمنع من اتخاذها؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منه قاله مطرف وابن حبيب والقولان ذكرهما الباجي ويقوم من كلام الشيخ أن الثور إذا حصل قرناه في شجرة ولم يمكن خروجهما إلا بنشر قرنيه أو بقطع أفراع الشجرة فإنه يفصل في ذلك بين الليل والنهار وسمعت في درس شيخنا أبي محمد الشبيبي رحمه الله من نقل بعض الطلبة الحفاظ قولا بمثله وطلبت عليه حثيثا فلم أجده، والذي وقفت عليه الآن لأبي عمران الصنهاجي في نظائره ارتكاب أخف الضررين بالبيع وكذلك وقفت على ما وجدت بخط ابن سهل بالبيع ونصه في ذلك ثور وقع بين غصنين أو دينار وقع في محبرة أو دجاجة لقطت فصا فيجبر صاحب القليل منهما على البيع من صاحب الكثير لرفع الضرر.
وكذلك وقفت على ما وجدت بخط ابن سهل عن ابن أبي زمنين أن الغصن يقطع ويؤدي صاحب الثور قيمته، ويحمل على أن قطع الغصن هو أخف ضررا؛ لأنه الأعم الأغلب فيرجع إلى وفاق وحيث يثبت الضمان فإنه يضمن قيمته على الرجاء والخوف لو حل بيعه ونص على ذلك في المدونة في كتاب المدبر على طريق التشبيه ولم ينص عليه في غيره قاله المغربي واختلف هل يستأني بذلك لعله ينبت كما يستأنى بسن الصبي أو تعجيل القيمة في ذلك قولان.

الصفحة 390