كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

حكم وجوب المطالبة للكفيل بما ضمنه، ولم يقصد بيان إطلاق هذه اللفظة قال: ولأن الغرامة إنما تكون في الأموال لا في الأبدان إذ البدن لا يصح أن يغرم فكأنه قال: الزعيم غارم لما ضمن والضامن الذي تتصور فيه الغرامة إنما يكون في المال.
(وحميل الوجه إن لم يأت به غرم حتى يشترط أن لا يغرم):
ما ذكر الشيخ أنه إن لم يأت به غرم هو المشهور، ونقل اللخمي عن ابن عبد الحكم أنه لا يغرم، وظاهر كلامه لو أحضره عديما أنه لا يضمن وهو كذلك خلافا لابن الجهم وقول أبي بكر بن اللباد اختار اللخمي الأول إن كان معسرا وقت حلول الأجل وإما إن كان مليا، وأتى به معسرا فإنه يلزمه المال إلا أن تكون بمال حل، ولم يتحمل ليؤخره فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال، والأول منها نص المدونة ولا يعارض قولها بقولها في النذور من حلف لا يتكفل بمال فتكفل بنفس حنث لأنها كفالة بالمال؛ لأن الحنث يقع ناقل الأشياء.
واختلف إذا حكم القاضي على الضامن بالغرم فأحضره قبل الغرم فمذهب المدونة، وهو المشهورأنه يغرم خلافا لسحنون وهذه طريقة اللخمي، وابن يونس وغيرهما، ونص المدونة: ولو حكم عليه بالمال بعد التلوم لزمه المال ومضى الحكم فقال بعضهم بإشهاد الحاكم، وإن لم يغرم وهو قول عبدالملك، وقال بعضهم: المراد إذا دفع بعد الحكم وكلا التأويلين حكاه عياض.
قال خليل: وما ذكره خلاف الطريقة الأولى، ولو شرط رب المال على الضامن الوجه أن يحضر له الغريم ببلد سماه فأحضره ببلده تناله الأحكام فيه فنقل ابن عبد الحكم في إبرائه قولين وأجراهما المازري على الخلاف في شرط ما لا يفيد ورده ابن عبد السلام بأنه قد تكون البلد المشترط فيها فائدة لرب المال ككونها سكنى البينة التي ثبت بها الحق أو يكون الحق غير الدنانير والدراهم مما يقصد به موضع خاص.
(ومن أحيل بدين فرضي فلا رجوع له على الأول وإن أفلس هذا إلا أن يغره منه):
قال ابن الحاجب: الحوالة: نقل الدين من ذمة إلى ذمة لتبرأ بها الأولى وتعقب من وجهين:
أحدهما: أن النقل حقيقة في الأجسام مجاز في المعاني والدين لا ينتقل وإنما يؤخذ مثله من ذمة أخرى.
الثاني: أن قوله لتبرأ بها الأولى حشو لعدم إفادته مدخلا ومخرجا، وإنما هو علة والعلة غير المعلول وكلاهما ذكره ابن رشد رحمه الله تعالى.
وقال ابن عبدالسلام في قوله لتبرأ بها الأولى: هو على طريق البيان.

الصفحة 393