كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

وقال الشيخ خليل: لعله احترز به من الحمالة فإن فيها شغل ذمة أخرى بالحق، ولا تبرأ بها الأولى وما ذكره ضعيف؛ لأن قوله نقل الدين يقتضي خروج الحمالة وحكمها الندب، وقيل: إنها مباحة.
قال بعضهم: وما ذكر الشيخ أنه يرجع عليه إذا غره هو نص المدونة وعارضها غير واحد كالشيخ أبي اسحاق التونسي بقوله في المساقاة: من باع سلعة بثمن إلى أجل ممن ظن ملاءه فبان عدمه أنه لا مقال له، وفرق ابن يونس بأن الحوالة بيع دين بدين وأجيزت للرخصة وشراء الدين لا يجوز حتى يعلم ملاء الغريم من عدمه؛ لأن شراء لما في ذمته فوجود ذمته معيبة كوجود السلعة معيبة والذي باع السلعة لم يقصد شراء ما في ذمته.
وفرق التونسي بأن البياعات تتكرر كثيرا لشدة الحاجة إليها فالكشف مما يشق فلو لم يجز البيع للبائع إلا بعد الكشف عن ذمة المشتري، والبحث عنها لتعذرت أكثر البياعات بخلاف الحوالة لعدم تكررها، وذكر المازري أيضا وزاد فرقا آخر، وهو أن البائع يدفع للمشتري سلعة تقارب الثمن الذي يحل في ذمته فاستغنى بذلك عن الكشف بخلاف الحوالة.
قال ابن عبد السلام: وحكى غير واحد من الشيوخ الموثق بنقلهم عن مالك أنه لا يلزم المحال الكشف عن ذمة المحال عليه هل غني أو فقير بخلاف شراء الدين، وفرق بعضهم بأن الحمالة طريقتها المعروف بخلاف البيع فإن مبناه على المكايسة.
قلت: ما ذكر عن الشيخ صحيح نقله اللخمي المازري وهو خلاف ما تقدم لابن يونس، قاله بعض شيوخنا، ولو شرط المحال على المحيل إن أفلس المحال عليه فإنه يرجع عليه فإن شرطه نافع قاله المغيرة، ونقله الباجي كأنه المذهب.
وقال ابن رشد: هذا صحيح لا أعرف فيه خلافا.
قلت: استشكله بعض شيوخنا لأنه شرط مناقض لمقتضى الحوالة وقد علمت قول ابن القاسم ذا شرط في العارية التي لا يغبب عليها الضمان إنه لا أثر له.
(وإنما الحوالة على أصل دين إلا فهي حمالة):
يعني: أنه يشترط أن يكون على المحال عليه دين للمحيل فمهما لم يكن فهي حمالة وسواء كانت بلفظ الحمالة أو الحوالة وهذا الذي قاله هو المشهور.
وقال ابن الماجشون: إذا كان بلفظ الحوالة فلها حكم الحوالة نقلها الباجي، ويشترط أن يكون الدين المحال به حالا من غير خلاف ووقع في السلم الثاني من المدونة ما يوهم خلافه في قوله ولو استقرض الذي عليه السلم مثل طعامك من أجنبي أو سأله أن يوفيك أو أحالك به، ولم تسأل أن الأجنبي جاز ذلك قبل الأجل أو بعده فأورد

الصفحة 394