كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

ابن رشد: من السلف من يختار التختم في اليمين وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والوجه في ذلك أنه من اللباس والزينة فيؤثر به اليمنى على اليسرى كما تؤثر الرجل اليمنى على اليسرى بما جاء به من السنة في الانتعال بأن ينتعل اليمنى أولا ويخلع اليسرى قبلها لتكون اليمنى أكثر استعمالا للباس منها وقد يكون فيه اسم الله تعالى فلا يحتاج إذا تختم في يمينه أن يخلعه عند الاستنجاء لأن ذلك يستحب فيمن تختم في شماله.
(واختلف في لباس الخز فأجيز وكره وكذلك العلم في الثوب من الحرير وإلا الخط الرقيق):
لا خصوصية لقول الشيخ الخز بل الخلاف فيه وفي غيره ويتحصل في ذلك أربعة أقوال: فقيل إن ذلك مكروه وقيل إنه جائز وكلاهما ذكره الشيخ وقيل يمنع لباس الخز وغيره وظاهر قائله التحريم وقيل يجوز الخز ولا يجوز غيره اتباعا للعمل، قال ابن رشد وهو أضعف الأقوال إذ لا فرق في القياس بين الخز وغيره من المحررات التي قيامها حرير ولحمتها قطن أو كتان لأن الذي من أجله استجاز لبس الخز من السلف وذلك أنه ليس بمحرم محض في موجود المحررات وشبهها فلذلك استجازوا لباسها لا من أجل أنه خز إذ لم يأت أثر بالترخيص لهم في ثياب الخز فيختلف في قياس غيره عليه قال: والقول بالكراهة هو أولى الأقوال بالصواب لأن ما اختلف العلماء فيه لتكافؤ تحريمه وتحليله فهو من الشبهات التي قام فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتقاها فقد استبرأ لدينه وعرضه فعلى هذا القول يأتي ما يحكى عن مطرف أنه رأى على مالك ساج أبريسم كساه إياه هارون الرشيد إذ لم يكن يلبس ما يعتقد أنه يأثم بلبسه.
واعلم أن الخز ما سداه حرير ولحمته وبر الإبل قاله ابن رشد، وأما العلم فاختلف فيه على ثلاثة أقوال: فقيل إنه جائز وإن عظم قاله ابن جبير وقيل إنه يجوز قدر الإصبع فقط رواه أبو مصعب وقيل إنه منهي عنه إذا كان قدر الإصبع رواه ابن القاسم ومراده به الكراهة والتحريم فيما زاد.
(ولا يلبس النساء من الرقيق ما يصفهن إذا خرجن):
قال عبدالوهاب هذا لقوله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) [النور: 31]
وإذا لبسن ما لا يستر أبدانهن فقد أبدينها ولقوله تعالى (غير متبرجات بزينة) [النور: 60]
وهذا في التبرج فوجب منعه وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ورب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ورب كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن

الصفحة 456