كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 2)

والخليفة في الأهل أنه لا يخلو مكان عن قدرته تعالى فصحبة المسافر أن يسلمه ويرزقه ويعينه ويوفقه ويخلفه في أهله بأن يرزقهم ويطعمهم ويحفظهم فلا حكم لأحد في السماء ولا في الأرض غيره جل وعز قال تعالى (وهو معكم أين ما كنتم) [الحديد: 4]
قال الباجي.
(وتكره التجارة إلى أرض العدو وبلد السودان):
قال عبد الوهاب: إنما قال ذلك لأن فيه تغرير الإنسان بنفسه وماله وإذلالا للدين واعتزازا للمشركين لأنه يحصل في بلاد المشركين بحيث تجري عليه أحكامهم ويرى الكفر بالله جهارا ولا يمكنه دفعه ولا يأمن على نفسه الفتنة والإكراه على ترك الدين أو غررهم به وإنزالهم إياه على حكمهم وكل ذلك مما قد منعت الشريعة مع القدرة على تركه فله في بلاد المسلمين مندوحة عن التعرض لهذه الأمور، وقد قال تعالى (ومن يهاجر في سبيل الله) [النساء: 100]
الآية.
قال الفاكهاني: ولا خلاف وأعلمه أن ذلك مما يسقط شهادة العدل ولفسقه إذا سافر إلى بلاد العدو اختيارا فينبغي أن يحمل ما قال الشيخ على التحريم إذ لا تسقط شهادة من فعل مكروها مرة أو مرتين، قلت: وقول المدونة في أول مسألة من كتاب التجارة إلى أرض الحرب وشدد مالك الكراهة في التجارة إلى أرض الحرب لجري أحكام المشركين عليه ظاهر في التحريم للتعليل ووقع في المدونة ما يوهم خلاف ذلك، وتأول على غلبة الريح أو دخوله لفك أسير أو مصلحة بين المسلمين والكفار وجرى لي وأنا قاض بجربة برسم فيه شهادة قاضي قوصرة بذكر حق شهود من علمه فطلب مني أن أوقع على خطه فلم أمكن صاحبه من ذلك لأنهم قادرون على التحيل في الخروج منها، وربما يخرج بعض من فيها ويعدلها فهم كفار يحكم عليهم.
(وقال عليه السلام السفر قطعة من العذاب):
قال الفاكهاني: هذا أمر مشاهد لغالب الحال لما فيه من قطع الراحة وإجهاد النفس وتشقية الخاطر ونظر من يشتهي نظره ومخالطته رغما فهو عذاب حسا ومعنى هذا غالبه وما نذر لا حكم له، والحديث يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قصى أحدكم من سفر نهمته فليعجل إلى أهله رواه مالك عن أنس عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال التادلي: قال عمر لولا أني خشيت أن أزيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت العذاب قطعة من السفر، قلت: وهذا منه مبالغة.
(ولا ينبغي أن تسافر المرأة مع غير ذي محرم منها سفر يوم وليلة فأكثر إلا في حج

الصفحة 485