كتاب قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر (اسم الجزء: 2)

ولا يفطن له لسهولة ألفاظه واقتداره على الكلام، وفي ذلك يقول بعضهم: [من الطويل]
عليم بإبدال الحروف وقامع … لكل خطيب يغلب الحقّ باطله
وقال آخر: [من البسيط]
ويجعل البر قمحا في تصرفه … وخالف الراء حتى احتال للشّعر
ولم يطق مطرا والقول يعجله … فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر
يضرب به المثل في ذلك، وقد أكثروا في ذلك من أشعارهم، ومنه قول أبي محمد الخازن من قصيدة يمدح فيها الصاحب ابن عباد: [من البسيط]
نعم تجنّبت «لا» يوم العطاء كما … تجنب ابن عطاء لفظة الراء
وقال آخر: [من الكامل]
وجعلت وصلي الراء لم تنطق به … وقطعتني حتى كأنك واصل
ولقد أحسن في قوله: (وقطعتني حتى كأنك واصل) حسنا بالغا.
وقال آخر: [من الطويل]
أعد لثغة لو أن واصل حاضر … ليسمعها ما أسقط الراء واصل
وكان واصل يتجنب النطق بكلمة فيها راء، ويعدل إلى لفظة بمعناها لا راء فيها.
ويحكى: أن بعض الوزراء كان ألثغ بالراء، فامتحن بدفع ورقة ليقرأها بحضرة سلطانه وفيها: أمر أمير المؤمنين أن تحفر له بئر على قارعة الطريق ليشرب منها الراجل برمحه، والفارس بفرسه، فقرأها في الحال: فوض خليفة الله على عباده أن يعمق له قليب على الجادة لأبناء السبيل، ذو الجواد بجواده، وذو القناة بقناته.
توفي واصل المذكور سنة إحدى وثلاثين ومائة.

643 - [أبو عبد الحميد الدمشقي] (1)
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي مولاهم أبو عبد الحميد الشامي الدمشقي، يقال: إن اسم أبي المهاجر: أقرم.
_________
(1) «سير أعلام النبلاء» (5/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 374)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 160)، و «شذرات الذهب» (2/ 134).

الصفحة 104