كتاب قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر (اسم الجزء: 2)

فوادعهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وهو والي الحرمين يومئذ من قبل مروان بن محمد يوم عرفة وأيام التشريق ليأمن الناس في حجهم، فوقفت الحرورية ناحية من عرفة ومن مزدلفة ومن منى، فلما كان النفر الأول .. ركب عبد الواحد راحلته ولحق بالمدينة، وأخلى مكة للحرورية (1).
وفيها: توفي خالد بن أبي عمران التجيبي التونسي قاضي إفريقية وعالم المغرب وعابدها، وأبو نصر يحيى بن أبي كثير أحد الأعلام في الحديث، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع أحد القراء العشرة، وأبو النصر سالم، وعلي بن زيد بن جدعان بخلف.
***

السنة الثلاثون
فيها: خرج أبو حمزة الخارجي من مكة قاصدا المدينة، وتهيأ أهل المدينة لحربهم، فخرج أمير المدينة عبد العزيز بن عبد الله بأهل المدينة ومن معه من جند الشام، فالتقوا بقديد في شهر صفر، فانهزم أهل المدينة، وقتل أميرهم المذكور وغالب عسكره، ولم يسلم منهم إلا اليسير، وفر عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشام، وأقامت الخوارج بالمدينة ثلاثة أشهر يجمّعون بالناس، ويجمّع معهم فقهاء المدينة، ويعتدّون بصلاتهم؛ لأنهم قهروهم على البلد، فلما علم مروان بن محمد باستيلاء أبي حمزة الخارجي على الحرمين .. أرسل عبد الملك بن عطية السعدي في جند من الشام فاجتمعوا بأبي حمزة الخارجي في وادي القرى، فقتلت الخوارج وأفلت منهم واليهم أبو حمزة، فدخل مكة فقتل بها، وقدم عبد الملك بن عطية السعدي بجنده إلى اليمن؛ طالبا لعبد الله بن يحيى الكندي الخارج بحضر موت الملقب بطالب الحق (2).
وفيها: دخل أبو مسلم الخراساني حائط مرو، ونزل دار الإمارة، وضرب عنق لاهز بن قريظ، وأمر طلحة بن رزيق أن يأخذ البيعة على الجند، وأن يدعو إلى الرضا من أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يسمي أحدا، وكان طلحة فصيحا مفوها عالما بحجج الهاشمية وغوامض أمورهم، فكانت البيعة: أبايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله
_________
(1) «تاريخ الطبري» (7/ 374)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 371).
(2) «تاريخ الطبري» (7/ 393)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 383)، و «البداية والنهاية» (10/ 449).

الصفحة 138