كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها- أي: يملؤها- فوضعها، ثمّ جاء يلتزم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويفدّيه بأبيه وأمّه.
ثم إن هذه المرأة تلقّتهم أحسن التلقّي، وأنزلتهم أكرم الإنزال، وفعلت ما يليق بذلك الجناب الأفخم، والملاذ الأعظم.
ويؤخذ من ذلك حلّ تكليم الأجنبيّة، وسماع كلامها مع أمن الفتنة؛ وإن وقعت فيه مراجعة.
ويؤخذ منه جواز إذن المرأة في دخول منزل زوجها؛ إذا علمت رضاه، وجواز دخول الضيف منزل الشخص، بإذن زوجته؛ مع علم رضاه، حيث لا خلوة محرّمة.
ويؤخذ منه حلّ استعذاب الماء، وجواز الميل إلى المستطاب طبعا من ماء وغيره وأن ذلك لا ينافي الزهد.
(فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم) أي: فلم يمكثوا زمنا طويلا، إلى أن جاء أبو الهيثم، بل مكثوا يسيرا لقرب مجيئه لهم، والمعنى أنه لم يكن لهم انتظار كثير إلى مجيئه (بقربة) أي: متلبسا بقربة، وحاملا لها (يزعبها) - بتحتية مفتوحة، فزاي ساكنة، فمهملة، فموحّدة-؛ من زعب القربة كنفخ إذا ملأها فلذلك قال المصنف:
(أي: يملؤها) وقيل: حملها ممتلئة.
ويؤخذ منه أن خدمة الإنسان بنفسه لأهله، لا تنافي المروءة، بل هي من التواضع، وكمال الخلق،
(فوضعها) أي: القربة
(ثمّ جاء يلتزم النّبيّ صلّى الله عليه وسلم) : يعانقه، ويلصق صدره به؛ تبركا به.
(ويفدّيه) - بضم ففتح فتشديد- (بأبيه وأمّه) أي: يقول: فداك أبي وأمي.

الصفحة 20