كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

ثمّ انطلق بهم إلى حديقته، فبسط لهم بساطا، ثمّ انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أفلا تنقّيت لنا من رطبه؟!» ، فقال: يا رسول الله؛ إنّي أردت أن تختاروا (ثمّ انطلق بهم إلى حديقته) أي: ثمّ انطلق مصاحبا لهم إلى بستانه، فالباء للمصاحبة، والحديقة: البستان، سمي بذلك! لأنهم في الغالب يجعلون عليه حائطا؛ يحدق به، أي: يحيط به، يقال: أحدق القوم بالبلد، إذا أحاطوا به.
(فبسط لهم بساطا) - بكسر أوّله-؛ أي: مدّ لهم فراشا، ونشره للجلوس عليه، وهو فعال بمعنى مفعول، كفراش بمعنى مفروش.
(ثمّ انطلق إلى نخلة) من نخيله (فجاء بقنو) - بكسر القاف وسكون النون-؛ بوزن حمل، - أي: عذق، كما في مسلم وهو: الغصن من النخلة المسمّى بالعرجون؛ فيه بسر وتمر ورطب؛ بمنزلة العنقود من الكرم.
(فوضعه) أي: بين أيديهم، ليتفكّهوا منه قبل الطعام، لأن الابتداء بما يتفكّه من الحلاوة أولى، فإنّه مقوّ للمعدة لأنه أسرع هضما.
وقال القرطبي: إنما قدّم لهم هذا العرجون!! لأنّه الذي تيسر فورا، من غير كلفة، ولأن فيه أنواعا من التمر والبسر والرطب.
(فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: «أفلا تنقّيت) من التنقّي، بمعنى التخيّر، أي: أفلا تخيرات؟ (لنا من رطبه» ) وتركت باقيه! حتى يترطّب فينتفعون به.
فالتنقّي: التخيّر، والتنقية: التنظيف، والرّطب- بضم الراء وفتح الطّاء-:
تمر النّخل؛ إذا أدرك ونضج، الواحدة رطبة.
وهو نوعان: نوع لا يتتمّر، بل إذا تأخر أكله أسرع إليه الفساد، ونوع يتتمر؛ أي: يصير تمرا.
ويؤخذ من الحديث أنه ينبغي للمضيف أن يقدّم إلى الضيف أحسن ما عنده.
(فقال: يا رسول الله؛ إنّي أردت أن تختاروا) أي: تتخيروا أنتم بأنفسكم،

الصفحة 21