كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

ظلّ بارد، ورطب طيّب، وماء بارد» .
فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تذبحنّ لنا ذات درّ» ، فذبح لهم عناقا؛ أو جديا،..
ثم عدد صلّى الله عليه وسلم أوجه النّعيم الذي هم فيه بقوله: (ظلّ بارد، ورطب طيّب، وماء بارد» ) . وهو خبر لمبتدأ محذوف، والجملة بيان لكون ذلك من النّعيم.
(فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما) ؛ أي: مطبوخا، على ما هو معروف في العرف العام؛ وإن كان قد يطلق الطّعام على الفاكهة لغة.
وبهذا الحديث استدلّ الشافعي على أن نحو الرطب فاكهة؛ لا طعام.
وقال أبو حنيفة: إنّ الرّطب والرّمّان ليسا بفاكهة، بل الرطب غذاء، والرمان دواء، وأما الفاكهة، فهو ما يتفكه به تلذّذا.
(فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: «لا تذبحنّ لنا) شاة (ذات درّ» ) - بفتح الدال وتشديد الراء المهملتين- أي: لبن، وفي المستقبل بأن تكون حاملا.
ولعله صلّى الله عليه وسلم فهم من قرائن الأحوال أنّه أراد أن يذبح لهم شاة؛ فقال له ذلك، وهذا نهي إرشاد، وملاطفة، لا كراهة في مخالفته، فالمقصود الشفقة عليه؛ وعلى أهله، لأنهم ينتفعون باللبن مع حصول المقصود بغيرها.
وفي رواية مسلم: أنّه أخذ المدية، فقال له صلّى الله عليه وسلم: «إيّاك والحلوب» .
(فذبح لهم عناقا) - بفتح العين كسحاب-: أنثى المعز لها أربعة أشهر.
(أو) شك (جديا) - بفتح فسكون- كفلس: ذكر المعز ما لم يبلغ سنة، وهذا ليس من التكلف للضيف؛ المكروه عند السّلف، لأنّ محلّ الكراهة إذا شقّ ذلك على المضيف، وأما إذا لم يشقّ عليه! فهو مطلوب، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» لا سيما هؤلاء الأضياف، الذين فيهم سيد ولد عدنان!! صلى الله عليه وسلم.

الصفحة 23