كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

فأتاهم بها فأكلوا.
فقال صلّى الله عليه وسلّم: «هل لك خادم؟»
قال: لا. قال: «فإذا أتانا سبي.. فأتنا» .
فأتي صلّى الله عليه وسلّم برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اختر منهما» .
قال: يا رسول الله؛ اختر لي.
(فأتاهم بها) أي: بالعناق، وهذا ظاهر على الشق الأول من الشك.
(فأكلوا) أي: منها، وفي رواية: فشوى نصفه، وطبخ نصفه، وأتاهم به، فلما وضع بين يديه صلّى الله عليه وسلم أخذ من الجدي؛ فجعله في رغيف، وقال للأنصاري:
«أبلغ بهذا فاطمة، لم تصب مثله منذ أيّام» فذهب به إليها.
(فقال) : أي النّبي (صلى الله عليه وسلم) لما رآه يتولى خدمة بيته بنفسه، (: «هل لك خادم؟» ) يقع على الذكر والأنثى، لإجرائه مجرى الأسماء غير المأخوذة من الأفعال؛ كحائض.
(قال: لا) أي: ليس لي خادم، (قال: «فإذا أتانا سبي) - بفتح السين المهملة فسكون الموحدة-؛ أي: سبي من الأسارى عبد أو جارية (فأتنا» ) لنعطيك خادما، مكافأة على إحسانك إلينا.
وفي هذا إشارة إلى كمال جوده وكرمه صلّى الله عليه وسلم (فأتي) - بصيغة المجهول- أي:
فجيء النبي (صلى الله عليه وسلم برأسين) أي: بأسيرين اثنين، (ليس معهما ثالث) تأكيدا لما قبله، (فأتاه أبو الهيثم) امتثالا لقوله صلّى الله عليه وسلم: «فأتنا» .
(فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم «اختر» ) واحدا (منهما» .
قال) ؛ أي أبو الهيثم: (يا رسول الله؛ اختر لي) أي: أنت، فإن اختيارك لي خير من اختياري لنفسي، وهذا من كمال عقله، وحسن أدبه وفضله.

الصفحة 24