كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

واستوص به معروفا» . فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فقالت امرأته: ما أنت ببالغ حقّ ما قال فيه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.. إلّا أن تعتقه. قال: فهو عتيق.
فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله لم يبعث نبيّا ولا خليفة..
إلّا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، ...
(واستوص به معروفا» ) ؛ أي: اقبل وصيتي به، وكافئه بالمعروف، ف «معروفا» ليس منصوبا ب «استوص» ، بل مفعولا لمحذوف، أو افعل في حقه معروفا؛ وصية مني، فهو منصوب ب «استوص» بتضمين «افعل» .
(فانطلق أبو الهيثم) أي: فذهب به (إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالت امرأته: ما أنت) أي: لو صنعت ما صنعت من المعروف به ما أنت (ببالغ) أي: بواصل (حقّ ما قال فيه) ؛ أي: في حقه (النّبيّ صلّى الله عليه وسلم) أي من المعروف (إلّا أن تعتقه) أي: ما أنت ببالغ حق المعروف الذي وصّاك به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلّا بعتقه، فلو فعلت به ما فعلت ما عدا العتق لم تبلغ ذلك المعروف؟.
(قال) أي: أبو الهيثم: (فهو) أي: فبسبب ما قلت الذي هو الحق؛ هو (عتيق) أي: معتوق؛ فعيل بمعنى مفعول، فتسبّبت في عتقه ليحصل لها ثوابه، فقد صحّ في الحديث: «إنّ الدّالّ على الخير كفاعله» .
(فقال) أي: فأخبره أبو الهيثم بمقالة امرأته التي تسبّب عنها العتق؛ فقال (صلى الله عليه وسلم:
«إنّ الله لم يبعث نبيّا ولا خليفة) ؛ فضلا عن غيرهما؛ (إلّا وله بطانتان) - بكسر أوله، تثنية بطانة- وهو المحب الخالص للرجل؛ مستعار من بطانة الثوب وهي خلاف الظّهارة، ومنه قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ [118/ آل عمران] . وبطانة الرجل: صاحب سره، الذي يستشيره في أموره، ويطلعه على خفايا أحواله؛ ثقة به.
(بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر) ، يعلم منه أن بطانة الخير لا تكتفي

الصفحة 26