كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وبطانة لا تألوه خبالا، ومن يوق بطانة السّوء فقد وقي، والمعصوم من عصمه الله تعالى» .
بالسكوت، بل لا بد من الأمر بالمعروف والحثّ عليه، والنّهي عن المنكر والزجر عنه، وقد علم أن زوجة أبي الهيثم من هذا القسم الّذي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فهي بطانة خير.
(وبطانة لا تألوه) أي: لا تمنعه (خبالا) - بخاء معجمة، فموحدة مفتوحتين-: أي: فسادا، أي: لا تقصر في فساد حاله ولا تمنعه منه.
فالألو: التقصير، وقد تضمن معنى المنع فلذلك تعدّى إلى مفعولين.
وعبّر هنا بهذا!! تنبيها على أن بطانة السوء يكفي فيها السكوت على الشر، وعدم النّهي عن الفساد. وهذا ظاهر في الخليفة، ولا يجيء في الأنبياء.
فالمراد ببطانة الخير في حق النبي الملك، وببطانة السّوء الشيطان، بل هذا عامّ في كلّ أحد كما يصرح به قوله صلّى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد، إلّا وقد وكّل به قرينه من الجنّ، وقرينه من الملائكة» قالوا: وإياك؛ يا رسول الله؟ قال: «وإيّاي إلّا أنّ الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلّا بخير» .
(ومن يوق) - بصيغة المجهول-؛ من وقى يقي- أي يحفظ (بطانة السّوء) - بفتح السين، ويجوز ضمّه، ففيه لغتان؛ قرئ بهما في السبع «1» ، كما في الكره والضّعف، إلا أن المفتوحة غلبت في أن يضاف إليها ما يراد ذمّه من كلّ شيء.
(فقد وقي) ماض مجهول، أي: من يحفظ من بطانة السوء وأتباعها فقد حفظ من الفساد، أي من جميع الأسواء والمكاره؛ في الدنيا والآخرة.
وجاء في رواية: (والمعصوم من عصمه الله تعالى» ) وفيه الإحسان للضيف بالفعل إن وجد، وإلّا فالوعد، وأنه لا بأس أن يطالبه بما وعد به؛ وتخيير الموعود
__________
(1) قرأ ابن كثير المكي وأبو عمرو البصري: بضمّ السين. وقرأ الباقون: بفتحها.

الصفحة 27