كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

قال: لقد رأيتني وإنّي لسابع سبعة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ما لنا طعام إلّا ورق الشّجر، حتّى تقرّحت أشداقنا، فالتقطت بردة فقسمتها بيني وبين سعد بن مالك؛ فأتزرت بنصفها وأتزر سعد بنصفها، ...
(قال) أي عتبة (: لقد رأيتني) أي: والله لقد أبصرت نفسي (وإنّي) - بكسر الهمزة- أي: والحال أنّي (لسابع سبعة) أي: في الإسلام (مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم) ، لأنه أسلم مع ستة فصار متمّما لهم سبعة، فهو من السّابقين الأولين.
واعلم أن سابع ونحوه له استعمالان:
أحدهما: أن يضاف إلى العدد الذي أخذ منه؛ فيقال «سابع سبعة» كما هنا، وهو حينئذ بمعنى الواحد من السبعة، ومثله في التنزيل ثانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة: 40] .
وثانيهما: أن يضاف إلى العدد الذي أخذ منه؛ فيقال «سابع ستة» وهو حينئذ بمعنى مصيّر الستة سبعة.
(ما لنا طعام إلّا ورق الشّجر) بالرفع على البدل، جعله طعاما لقيامه مقام الطّعام في حقّهم (حتّى تقرّحت) - بالقاف وتشديد الرّاء بعدها حاء مهملة- (أشداقنا) جمع شدق- بالكسر- وهو جانب الفم، أي: ظهر في جوانب أفواهنا قروح من خشونة ذلك الورق وحرارته.
(فالتقطت بردة) أي: عثرت عليها بغير قصد وطلب، والبردة: شملة مخطّطة، أو كساء أسود مربّع فيه خطوط يلبسه الأعراب، واللّقط أخذ الشيء من الأرض، وقيل: أخذ الشيء بغير طلب.
(فقسمتها) - بتخفيف السين؛ ويجوز تشديدها- (بيني وبين سعد بن مالك) هو سعد بن أبي وقّاص القرشي الزّهري المكّي المدني، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالجنّة، وتوفي وهو عنهم راض، - وقد مرت ترجمته، وترجمة ولده عامر-.
(فأتزرت بنصفها وأتزر سعد بنصفها) دليل لضيق عيشهم؛ وعيش

الصفحة 29