كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

من كراهته لذلك.
وأمّا جلوس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
فعن خارجة بن زيد رضي الله [تعالى] عنه قال: ...
من كراهته لذلك!) ، أي: لأجل المعلوم المستقرّ عندهم، وهو كراهته لذلك القيام؛ تواضعا وشفقة عليهم، وخوفا عليهم من الفتنة؛ إذا أفرطوا في تعظيمه، وإسقاطا لبعض حقوقه المعيّنة عليهم، فاختاروا إرادته على إرادتهم، لكن كان لا يكره قيام بعضهم لبعض، ولذلك قال: «قوموا لسيّدكم» يعني: سعد بن معاذ سيّد الأوس. فأمرهم بفعله؛ لأنه حقّ لغيره فوفّاه حقّه، وكره قيامهم له! لأنّه حقّه فتركه تواضعا.
وهذا دليل لما عليه محرّر المذهب الإمام محيي الدين النوويّ؛ من ندب القيام لأهل الفضل. وقد قام صلّى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل لمّا قدم عليه، وكان يقوم لعديّ بن حاتم كلما دخل عليه؛ كما جاء ذلك في خبرين، وهما؛ وإن كانا ضعيفين؛ يعمل بهما في الفضائل. فزعم سقوط الاستدلال بهما وهم.
وقد ورد أنّهم قاموا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم!! فيناقض ما هنا.
إلا أن يقال في التوفيق: إنّهم إذا رأوه من بعد غير قاصد لهم لم يقوموا له. أو أنه إذا تكرّر قيامه وعوده إليهم لم يقوموا؟! فلا ينافي أنّه إذا قدم عليهم أوّلا قاموا، وإذا انصرف عنهم قاموا. انتهى «باجوري» .
(وأمّا جلوس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ف) قد ذكره في قوله:
(عن خارجة بن زيد) بن ثابت الأنصاريّ المدني التابعي، أحد فقهاء المدينة السبعة، وقد سبقت ترجمته (رضي الله [تعالى] عنه) ، فيكون حديثه مرسلا، وهو من «مراسيل أبي داود» ؛ كما قال الخفاجي في «شرح الشفاء» .
وذكره القاضي عياض في «الشفاء» بسنده من طريق أبي داود صاحب «السنن» ؛ (قال) : حدّثنا عبد الرحمن بن سلّام؛ قال: حدّثنا حجاج بن

الصفحة 626