كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوقر النّاس في مجلسه؛ لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه.
وكان مجلسه صلّى الله عليه وسلّم مجلس حلم وحياء، وأمانة
محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزّناد؛ عن عمر بن عبد العزيز بن وهيب؛ قال:
سمعت خارجة بن زيد يقول:
(كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلم أوقر النّاس في مجلسه) أي: أعظمهم وقارا إذا برز للناس وجلس معهم، بخلاف ما إذا خلا مع أهله، أو مع خاصّته، فإنّه ينبسط معهم ويلاطفهم؛ يعني: أنّ هذا كان عادته ودأبه صلّى الله عليه وسلم بحيث لا يصدر عنه خلافه.
و «كان» ؛ وإن كانت بحسب الأصل فعلا ماضيا؛ لكنّها قد تستعمل 1- للاستمرار نحو وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96) [النساء] ، و 2- للتكرار نحو: كان حاتم يقري الضيف، لقرينة؛ وهو استعمال شائع، ولكثرته عدّه بعض الأصوليين معنى لها، ولم يحقّقه أحد كابن جني في كتاب «الخصائص» ! فإن أردته؛ فانظره. انتهى «خفاجي» .
(لا يكاد يخرج) - بضمّ أوّله مضارع: أخرج- و (شيئا) مفعول، (من أطرافه) أي: أطراف بدنه كرجليه، ولا يكاد يخرج فيه مبالغة، أي: لا يخرج ولا يقرب من الخروج، ولذا عدل عن «لا يخرج» وهو أخصر.
(و) أخرج الترمذيّ في «الشمائل» من حديث عليّ الطويل:
(كان مجلسه صلّى الله عليه وسلم مجلس حلم) - بكسر الحاء، وسكون اللام- وهو: ملكة تورث التّؤدة وعدم العجلة عند حركة الغضب وداعية العقوبة.
(و) مجلس (حياء) - بالمدّ- أي: منهم، فكانوا يجلسون معه على غاية من الأدب، فكأنّما على رؤوسهم الطير!
(و) مجلس (أمانة) ؛ أي: يأمن المتكلّمون فيه على أسرارهم، فلا ينقل منه ما لا يحبّون إفشاءه؛ كما في الحديث: «المجالس بالأمانة» .

الصفحة 627