كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

في الجلسة «1» .. أرعدت من الفرق.
قوله: (القرفصاء) ...
الخاشع خشوعا تامّا (في الجلسة) أي: في هيئة جلسته تلك وكيفية قعدته المتضمّنة إظهار عبوديّته؛ فهو خافض الطرف والصوت، ساكن الجوارح؛ لا على هيئة جلوس الجبّارين المتكبّرين؛ من التربّع، والتمدّد، والاتكاء، ورفع الرأس، وشماخة الأنف؛ وعدم الالتفات إلى المساكين، والاحتجاب عن المحتاجين.
والتفعّل ليس للتكلّف؛ بل لزيادة المبالغة في الخشوع.
(أرعدت) - بضمّ تاء المتكلم؛ مبنيّا للمجهول- أي: حصلت لي رعدة (من الفرق) - بفاء وراء مفتوحتين، وقاف- أي: الخوف والفزع الناشىء مما علاه صلّى الله عليه وسلم من عظم المهابة والجلالة، أو للتّأسّي به، لأنّه إذا كان مع كمال قربه من ربّه غشيه من جلاله ما صيّره كذلك فغيره؛ يجب أن يرعد فرقا وهذا نهاية المهابة. ودليل على أنّ مهابته لأمر سماويّ ليس بالتصنّع.
والظاهر من سياق قصّة قيلة أنّه أوّل ملاقاتها للنّبيّ صلّى الله عليه وسلم، ولذلك هابته.
ووقع في قصّتها- بعد قولها: أرعدت من الفرق-: فقال له جليسه:
يا رسول الله؛ أرعدت المسكينة!! فقال صلّى الله عليه وسلم- ولم ينظر إلي وأنا عند ظهره-:
«يا مسكينة عليك السّكينة» . فلما قاله أذهب الله ما كان دخل قلبي من الرّعب انتهى. وقد تقدّم في «اللباس» بعض من قصّتها.
(قوله: القرفصاء) - بضمّ القاف وإسكان الراء وضمّ الفاء وصاد مهملة؛ مع المدّ- وهذه اللغة هي الفصحى، والقرفصى- مثلث القاف والفاء مع القصر- وزاد ابن جني: القرفصاء- بضمّ القاف والراء مع المدّ- وقال: هو على الإتباع ضرب من القعود. قال الجوهري: فإذا قلت قعد فلان القرفصاء. فكأنّك قلت: قعد قعودا مخصوصا.
__________
(1) في «وسائل الوصول» : جلسته.

الصفحة 637