كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

أتي صلّى الله عليه وسلّم برجل فأرعد من هيبته صلّى الله عليه وسلّم، فقال له صلّى الله عليه وسلّم: «هوّن عليك، فلست بملك، إنّما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد» ، فنطق الرّجل بحاجته، فقام صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا أيّها النّاس؛ إنّي أوحي إليّ ...
وقد تقدّم ذلك في الباب الرابع. فراجعه. والله أعلم.
(أتي صلّى الله عليه وسلم برجل) يوم الفتح، (فأرعد من هيبته) أي: انتفض جسمه من مهابته (صلى الله عليه وسلم) عند وقوع بصره عليه، إذ قد تقدّم من وصفه: أنّه من رآه بديهة هابه.
وما ساقه المصنّف هو لفظ «كشف الغمّة» و «الإحياء» !!
وفي «المواهب» : ولقد جاء إليه صلّى الله عليه وسلم رجل فقام بين يديه؛ فأخذته رعدة شديدة ومهابة، (فقال له صلّى الله عليه وسلم: «هوّن عليك) - أي: خفّف عن نفسك هذا الخوف وأزله منك، ولا تجزع منّي-، (ف) - إني- (لست بملك) أي: متصوّر بصورة ملوك الأرض يهاب منهم! (إنّما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد» ) ؛ أي: اللحم اليابس، وكانت قريش تقدّد اللحم وترفعه لوقت الحاجة. (فنطق الرّجل بحاجته) التي جاء لها، فسكّن عليه الصلاة والسلام روعه؛ شفقة، لأنّه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وسلب عن نفسه الملوكية؛ بقوله «فإنّي لست بملك» لما يلزمها من الجبروتية، وقال «أنا ابن امرأة» فنسب نفسه إليها، ولم يقل «رجل» !! زيادة في شدّة التواضع؛ وتسكين الروع، لما علم من ضعف النسّاء، ووصفها بأنها تأكل القديد!! تواضعا، لأن القديد مفضول، وهو مأكول المتمسكنة، وكأنّه قال «أنا ابن امرأة مسكينة تأكل مفضول الأكل؛ فكيف تخاف مني!!» .
(فقام صلّى الله عليه وسلم) ؛ إذ رأى تواضع نفسه مع الرجل سكّن روعه فتمكّن من عرض حاجته عليه؛ آمرا لهم بالتواضع وبيّن أنّه بالوحي؛
(فقال: «يا أيّها النّاس؛ إنّي أوحي إليّ) وحي إرسال، وزعم أنّه وحي

الصفحة 640