كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

رضي الله تعالى عنهما: أنّه رأى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الآخرى.
ويحيى بن عمارة، وواسع بن حبان وغيرهم.
واستشهد يوم الحرّة بالمدينة المنورة سنة: ثلاث وستين، وهو: ابن سبعين سنة، وكان أبوه زيد صحابيا (رضي الله تعالى عنهما) ؛ ذكره النووي في «التهذيب» .
(أنّه) أي: عبد الله بن زيد (رأى النّبيّ صلّى الله عليه وسلم مستلقيا) ؛ أي: مضطجعا على قفاه (في المسجد) ، ولا يلزم منه نوم، ولا يخفى أنّه إذا حلّ الاستلقاء في المسجد حلّ الجلوس فيه بالأولى، فلهذا ذكر هذا الحديث في فصل جلوس رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاندفع ما يقال «الاستلقاء ليس من الجلوس، فلا وجه لذكر هذا الحديث في هذا الباب» .
(واضعا) حال من النبي صلّى الله عليه وسلم، وكذا قوله «مستلقيا في المسجد» حال من النبي؛ فيكون حالا مترادفة، أو «واضعا» حال من ضمير «مستلقيا» ؛ فتكون حالا متداخلة، أي: حال كونه واضعا (إحدى رجليه على الآخرى) ، وهذا يدلّ على حلّ وضع الرّجل على الآخرى حال الاستلقاء، مع مدّ الآخرى؛ أو رفعها.
لكن يعارض ذلك رواية مسلم؛ عن جابر: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «لا يستلقينّ أحدكم ثمّ يضع إحدى رجليه على الآخرى» .
وجمع بأن الجواز لمن لم يخف انكشاف عورته بذلك، كالمتسرول مثلا، والنهي خاصّ بمن خاف انكشاف عورته بذلك؛ كالمؤتزر.
وإنما اطلق النهي!! لأن الغالب فيهم الاتزار.
نعم؛ الأولى خلافه في مجامع الناس، وبحضرة من يحتشمه، وإن لم يخف الانكشاف؛ لا كخدمه وأصاغر جماعته، والظاهر من حال المصطفى صلّى الله عليه وسلم أنّه إنّما فعله عند خلوّه ممن يحتشم منه.

الصفحة 643