كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وروى أبو داود بسند صحيح: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا صلّى الفجر.. تربّع في مجلسه حتّى تطلع الشّمس حسناء؛ أي: بيضاء نقيّة.
وهذا الجمع- كما قال الحافظ ابن حجر- أولى من ادّعاء النسخ، لأنه لا يصار إليه بالاحتمال، وأولى من زعم أنّه من خصائصه، لأنه لا يثبت بالاحتمال أيضا، ولأن بعض الصّحب كانوا يفعلونه بعد المصطفى صلّى الله عليه وسلم بالمسجد؛ ولم ينكره!! انتهى مناوي، وباجوري على «الشمائل» .
(وروى أبو داود) في «كتاب الأدب» (بسند صحيح) ، وكذا رواه الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، والنسائي بتغيير في الألفاظ؛ كلهم عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه
(أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا صلّى الفجر تربّع في مجلسه) أي: يذكر الله تعالى- كما في رواية الطبراني- (حتّى تطلع الشّمس حسناء؛ أي: بيضاء نقيّة) ؛ أي:
زائلة عنها الصفرة التي تتخيل فيها عند الطلوع بسبب ما يعترض دونها على الأفق من الأبخرة والأدخنة. والمعنى أنّه كان يجلس متربّعا في مجلسه مستقبل القبلة يذكر الله تعالى إلى ارتفاع الشمس.
وفيه استحباب الجلوس في المصلّى بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، مع الاشتغال بذكر الله تعالى في هذه الجلسة، فإنّ ثواب ذلك عظيم جدّا.
فقد ورد عنه صلّى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود، وأبو يعلى؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه بإسناد حسن- أنّه قال: «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتّى تطلع الشّمس أحبّ إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل؛ دية كلّ واحد منهم اثنا عشر ألفا، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة العصر إلى أن تغرب الشّمس أحبّ إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل؛ دية كلّ واحد منهم اثنا عشر ألفا» .

الصفحة 644