كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حتّى ينسلخ فيأتيه جبريل فيعرض عليه القرآن، ...
ينبغي؛ على ما ينبغي. ولما كانت نفسه أشرف النّفوس؛ كانت أخلاقه أفضل أخلاق الخلائق؛ فيكون أجود النّاس.
وبالجملة: فكان يعطي عطاء الملوك؛ ويعيش عيش الفقراء. فكان يربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان يمرّ عليه الشهر والشهران؛ لا يوقد في بيته نار
(وكان أجود ما يكون) برفع «أجود» ؛ على أنه اسم «كان» ، و «ما» مصدرية، والخبر محذوف، والتقدير: كان أجود أكوانه حاصلا إذا كان مستقرّا (في شهر رمضان) ، وبنصب «أجود» ؛ على أنّه خبر «كان» ، واسمها ضمير يعود على النبي صلّى الله عليه وسلم.
والمعنى: وكان النبي صلّى الله عليه وسلم مدّة كونه في شهر رمضان أجود من نفسه في غيره، لكن الرفع هو الذي في أكثر الروايات فهو الأشهر، والنصب أظهر.
(حتّى ينسلخ) غاية في أجوديّته.
والمعنى أنّ غاية جوده كانت تستمرّ في جميع رمضان إلى أن يفرغ، ثمّ يرجع إلى أصل جوده الذي جبل عليه الزائد عن جود الناس جميعا.
وإنّما كان صلّى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، لأنّه موسم الخيرات، وتزايد البركات، فإنّ الله تعالى يتفضّل على عباده في هذا الشهر ما لا يتفضّل عليهم في غيره. وكان صلّى الله عليه وسلم متخلّقا بأخلاق ربّه؛ (فيأتيه جبريل) عند ملاقاته ومدارسته القرآن، كما يدلّ عليه قوله الآتي: «فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أجود بالخير من الرّيح المرسلة»
(فيعرض) - بفتح التحتية وكسر الرّاء- لأنّه من «باب ضرب» ، أي: فيعرض النبيّ صلّى الله عليه وسلم (عليه) أي: على جبريل (القرآن) ، كما يدلّ عليه رواية «الصحيحين» : كان جبريل يلقاه كلّ ليلة في رمضان يعرض عليه النبي صلّى الله عليه وسلم القرآن،

الصفحة 660