كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله؛ أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا.
فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعرف في وجهه البشر لقول الأنصاريّ، ثمّ قال: «بهذا أمرت» .
(فقال رجل من الأنصار) كان حاضرا حين رأى كراهة المصطفى لذلك (: يا رسول الله؛ أنفق) - بفتح الهمزة-: أمر من الإنفاق، (ولا تخف من ذي العرش إقلالا) ؛ أي: افتقارا من «أقلّ» بمعنى: افتقر. وإن كان في الأصل بمعنى: صار ذا قلة.
وما أحسن من «ذي العرش» في هذا المقام!! أي: لا تخف؛ أي: يضيّع مثلك من هو مدبّر الأمر من السماء إلى الأرض!!.
قال البرهان في «المقتفي» : هذا الرّجل لا أعرفه. وفي حفظي أنّه بلال، لكنه مهاجري؛ لا أنصاري، فيكون قد قال ذلك بلال والأنصاريّ، أو الذي فيه ذكر بلال قصّة أخرى؛ المأمور فيها بالإنفاق بلال!!
روى الطبرانيّ، والبزّار؛ عن ابن مسعود: دخل النبي صلّى الله عليه وسلم على بلال وعنده صبرة من تمر؛ فقال: «ما هذا يا بلال» . قال: يا رسول الله؛ ذخرته لك ولضيفانك. قال: «أما تخشى أن يفور لها بخار من جهنّم؛ أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا» . انتهى. فما في حفظه إنما هو في هذه القصة؛ فلا يصحّ تفسير المبهم ب «بلال» لوجهين.
(فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم) فرحا بقول الأنصاري، (وعرف في وجهه البشر) - بكسر الباء- أي: الطلاقة والبشاشة (لقول الأنصاريّ) المارّ
(ثمّ قال) أي: صلى الله عليه وسلم ( «بهذا) أي: الإنفاق من غير مخافة فقر (أمرت» ) بنحو وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [39/ سبأ] لا بقول عمر!! فقدّم الظرف! ليفيد قصر القلب ردّا لاعتماد عمر.
وإنّما فعل ذلك!! للمصلحة الداعية لذلك كالاستئلاف ونحوه.

الصفحة 664