كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

لا يبيت عنده دينار ولا درهم، وإن فضل شيء ولم يجد من يعطيه له، وفجأه اللّيل.. لم يأو إلى منزله حتّى يبرأ منه إلى من يحتاج إليه.
قلت: وفي حديث آخر سنده ضعيف: «أنا أجود بني آدم» وهو بلا ريب أجودهم مطلقا، كما أنّه أكملهم في سائر الأوصاف، ولأن جوده لله تعالى في إظهار دينه، بل كان بجميع أنواع الجود؛ من بذل العلم، والمال، وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه، وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكلّ طريق؛ من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمّل أثقالهم، وكان جوده صلّى الله عليه وسلم كلّه لله تعالى، وفي ابتغاء مرضاته.
(لا يبيت عنده دينار ولا درهم، وإن فضل) أي: بقي (شيء ولم يجد من يعطيه له، وفجأه اللّيل) أي: أتاه فجأة (لم يأو إلى منزله حتّى يبرأ منه إلى من يحتاج إليه) .
قال الحافظ العراقيّ: رواه أبو داود؛ من حديث بلال في حديث طويل فيه:
أهدى صاحب فدك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم أربع قلائص، وكانت عليهنّ كسوة وطعام، وباع بلال ذلك ووفّى دينه، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم قاعد في المسجد وحده، وفيه قال: «فضل شيء؟» . قلت: نعم، ديناران. قال: «انظر أن تريحني منهما، فلست بداخل على أحد من أهلي حتّى تريحني منهما» .
فلم يأتنا أحد، فبات في المسجد حتّى أصبح، وظلّ في المسجد اليوم الثاني حتّى إذا كان في آخر النهار جاء راكبان؛ فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما، حتّى إذا صلّى العتمة؛ دعاني، فقال: «ما فعل الّذي قبلك» ؟.
فقلت: قد أراحك الله منه، فكبّر وحمد الله؛ شفقة من أن يدركه الموت؛ وعنده ذلك، ثم اتبعه حتّى جاء أزواجه ... الحديث.
وللبخاريّ من حديث عقبة بن الحارث: «ذكرت؛ وأنا في الصّلاة تبرا

الصفحة 667