كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وأعطى صفوان مئة ثمّ مئة ثمّ مئة.
أعطى عطايا أخجلت دلح الدّيم ... إذ ملأت رحب الفضا من النّعم
زهاء ألفي ناقة منها وما ... ملأ بين جبلين غنما
(وأعطى صفوان) بن أميّة بن خلف بن وهب بن قدامة بن جمح القرشي الجمحي المكيّ، صحابيّ من المؤلّفة.
أسلم يوم الفتح، وشهد حنينا والطائف؛ وهو مشرك، فلما أعطاه صلّى الله عليه وسلم ما ذكر قال: أشهد بالله؛ ما طابت بهذا إلّا نفس نبيّ، فأسلم وحسن إسلامه.
روى له مسلم، وأصحاب «السنن» ، وعلّق له البخاريّ. ومات أيّام قتل عثمان، وقيل سنة: إحدى- أو اثنتين- وأربعين.
(مائة) من الإبل (ثمّ مائة ثمّ مائة) . كذا قال ملا علي قاري.
وقال في «شرح الإحياء» : أعطى صفوان بن أميّة يوم حنين مائة من الغنم؛ ثمّ مائة، ثمّ مائة حتى صار أحبّ الناس إليه بعد ما كان أبغضهم إليه، فكان ذلك سببا لحسن إسلامه. لكن في شرح الخفاجي على «الشفاء» ، وشرح الزرقاني على «المواهب» ترك هذه المئات الثلاث بدون تفسير؛ هل هي من الإبل، أو الغنم؟! فليحرر.
قال الزرقاني: والحكمة في كونه صلّى الله عليه وسلم لم يعطها دفعة واحدة: أنّ هذا العطاء دواء لدائه، والحكيم لا يعطي الدواء دفعة واحدة، لأنه أقرب للشفاء. انتهى.
قال في «شرح الإحياء» : روى مسلم، والترمذي؛ من طريق سعيد بن المسيّب؛ عن صفوان بن أمية قال: والله؛ لقد أعطاني النبي صلّى الله عليه وسلم وإنّه لأبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتّى إنّه لأحبّ الناس إليّ!! انتهى.
ولقد أحسن ابن جابر حيث قال:
يروى حديث النّدى والبشر عن يده ... ووجهه بين منهلّ ومنسجم
من وجه أحمد لي بدر، ومن يده ... بحر، ومن فمه درّ لمنتظم

الصفحة 670