كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

إنّك تحمل الكلّ وتكسب المعدوم، ...
ينبغي التنبّه له. وفي «نظم السيرة» للحافظ العراقي في ذكر ورقة:
فهو الّذي آمن بعد ثانيا ... وكان برّا صادقا مواتيا
والصّادق المصدوق قال: إنّه ... رأى له تخطّطا في الجنّه
وهذا المذكور من أنّه صحابيّ هو الصحيح. وقيل: إنه ليس بصحابي، لأنه لم ير النبي صلّى الله عليه وسلم؛ ولم يؤمن به بعد بعثته، وعليه جماعة محقّقون، والأكثر من أصحابنا على أنه صحابيّ. انتهى «خفاجي» .
(إنّك تحمل الكلّ) - بفتح الكاف وتشديد اللام- أي: الثقيل؛ من العيال واليتيم ومن لا قدرة له من ضعيف الحال، أي: فيما بين قومه، وفي التنزيل وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ [76/ النحل] أي: ثقيل في المؤنة ضعيف في الصنعة؛ قاله ملا علي قاري.
(وتكسب) - بفتح التاء وكسر السين المهملة- وهي أكثر الروايات وأصحّها.
قال النّووي: فتح التاء هو الصحيح المشهور، وروي بضمّها.
(المعدوم) - بالواو في النسخ المعتبرة- وهو: الشيء الذي لا وجود له.
والمراد أنّك تعطي الناس الفقراء ما لا يجدونه عند غيرك، لما فيك من مكارم الأخلاق.
وما ذكره المصنف؛ من أنّ هذا من كلام ورقة هو ما في «الشفاء» للقاضي عياض، واعترضه شرّاحه؛ فقال الخفاجي؛ نقلا عن السيوطي: إنّ القائل له صلّى الله عليه وسلم هذا إنّما هو خديجة رضي الله تعالى عنها؛ في قصة مكالمتها لورقة في شأن النبي صلّى الله عليه وسلم، لمّا رأى جبريل عليه الصلاة والسلام في أوّل أمره وخاف على نفسه منه، وكذا اعترض عليه الشيخ قاسم في «تخريجه» أيضا؛ فقال: لا أعلم هذا من قول ورقة رضي الله عنه.
والذي في «صحيح البخاري» وغيره: أنّه من قول خديجة رضي الله تعالى عنها.

الصفحة 672