كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وقالت له خديجة رضي الله تعالى عنها: أبشر؛ فو الله لا يخزيك الله أبدا، إنّك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، ...
وما قيل: من «أنّ القاضي «1» جليل القدر؛ لا يخفى عليه مثله، ولا يبعد صدوره من ورقة!!» لا يجدي نفعا مع نقل «الصحيحين» خلافه، وليس مثله محلّ بحث، ولكلّ صارم نبوة، ولكلّ جواد كبوة. انتهى.
(و) المصنّف رحمه الله تعالى نقل ما في «الشفاء» وأردفه بما في «الصحيحين» ؛ وهو:
(قالت له خديجة) أمّ المؤمنين (رضي الله تعالى عنها) حين قال لها صلّى الله عليه وسلم لمّا رأى جبريل عليه الصلاة والسلام: «لقد خشيت على نفسي» أي: الهلاك من شدّة الرّعب!! أو تعييرهم إيّاه، فأرادت خديجة رضي الله عنها دفع ذلك الذي خشيه؛ فقالت له: (أبشر؛ فو الله لا يخزيك الله أبدا) يخزيك- بضمّ أوّله والخاء المعجمة والزاي المكسورة، ثم الياء السّاكنة- من الخزي؛ وهو: الفضيحة والهوان، وفي رواية: يحزنك- بالحاء المهملة والنون، ويجوز فتح الياء في أوّله وضمّها- وكلاهما صحيح.
ثمّ استدلّت خديجة على ما أقسمت عليه من نفي ذلك أبدا بأمر استقرائي، ووصفته بأصول مكارم الأخلاق، لأن الإحسان إمّا إلى الأقارب، أو إلى الأجانب، وإمّا بالبدن، أو بالمال، وإمّا على من يستقلّ بأمره، أو من لا يستقلّ.
وذلك كلّه مجموع فيما وصفته به في قولها:
(إنّك لتصل الرّحم) صلة الرحم: هي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة والسّلام.. وغير ذلك.
(وتحمل الكلّ) - بفتح الكاف وتشديد اللّام- مصدر بمعنى الكلال؛ وهو:
__________
(1) أي: عياض رحمه الله تعالى.

الصفحة 673