كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وتكسب المعدوم، وتقري الضّيف، وتعين على نوائب الحقّ.
الإعياء، وفسّر بالثّقل، فقيل: إنه لازم معناه، وهو المناسب للحمل، لأنّه لا يقال «حمل الإعياء» . وحمل الكلّ هو كقول العرب في المدح: هو حمّال أثقال. أي: يحمل ثقل غيره من الضعفاء والعيال، وإعانة الخلق بالإنفاق عليهم وإطعامهم وإعطائهم كلّ ما يحتاجون إليه، وكفالة الأيتام وغيره من وجوه البر.
(وتكسب) - بفتح أوله ويضمّ، وبكسر السين المهملة- (المعدوم) - بالواو، والمعنى: تكسب غيرك المال المعدوم؛ أي تعطيه، واختاره النوويّ.
وقيل: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من مكارم الأخلاق. انتهى «ملا علي قاري» .
(وتقري) - بفتح التاء المثنّاة الفوقية- (الضّيف) أي: تحسن إليه، يقال قريت الضيف أقريه قرى- بكسر القاف- مقصور. وقراء بفتح القاف والمدّ، ويقال للطعام الذي يضيفه به قرى مقصور، ويقال لفاعله: قار مثل قضى؛ فهو قاض انتهى «نووي» .
(وتعين على نوائب الحقّ) النوائب: جمع نائبة؛ وهي الحادثة، وإنّما قالت نوائب الحق!! لأن النائبة قد تكون في الخير، وقد تكون في الشرّ، قال لبيد:
نوائب من خير وشرّ كلاهما ... فلا الخير ممدود؛ ولا الشّرّ لازب
قال العلماء رحمهم الله تعالى: معنى كلام خديجة رضي الله تعالى عنها: أنّك لا يصيبك مكروه، لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق؛ وكرم الشمائل. وذكرت ضروبا من ذلك.
وفي هذا دلالة على أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب السلامة من مصارع السوء.
وقد روى أبو نعيم ما يؤيّده وهو قوله صلّى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السّوء» .

الصفحة 674