كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وحمل إليه تسعون ألف درهم، فوضعت على حصير، ثمّ قام إليها يقسمها، فما ردّ سائلا حتّى فرغ منها.
ولمّا قفل من حنين ...
زال صلّى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا!! عجبا من حرصه، فما قام عليه الصلاة والسلام وثمّ منها درهم!! وفي رواية: ثم انطلق؛ وهو يقول: «إنّما أخذت ما وعد الله، فقد أنجز» ! يشير إلى قوله تعالى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ [70/ الأنفال] .
قال ابن كثير: كان العبّاس شديدا طويلا نبيلا، قلّما احتمل شيئا يقارب أربعين ألفا.
(و) روى الترمذيّ أنّه صلّى الله عليه وسلم (حمل) - بصيغة المجهول- أي: أتي (إليه تسعون) - بمثناة فوقية قبل السين- وفي رواية أبي الحسن بن الضحاك في «شمائله» ؛ من حديث الحسن مرسلا: ثمانون (ألف درهم) .
وأخرجه ابن الجوزي في «الوفاء» ؛ وقال: سبعون ألفا- بتقديم السين على الموحدة- ويوافقه قول الصرصري في مديحه؛ حيث قال:
سبعون ألفا فضّها في مجلس ... لم يبق منها عنده فلسان
(فوضعت) - بصيغة المجهول- أي: سكبت ونثرت (على حصير) أي:
خصفة (ثمّ قام إليها) ، لعل المراد: شرع (يقسمها) ، أو أخذ يقسمها؛ بأن أمر به؛ وإن لم يقم بالفعل، ولا باشر القسم بيده.
(فما ردّ سائلا) ، لا يؤخذ منه أنّه لم يعط إلّا من سأله! بل يصدق بذلك، وبإعطاء من علم حاجته فيدفع له إن كان عنده بلا سؤال، أو يبعث إليه (حتّى فرغ منها) غاية لقوله «يقسمها» .
(و) في «الإحياء» : أنّه (لمّا قفل) صلى الله عليه وسلم؛ أي: رجع (من) غزوة (حنين) - بضم الحاء المهملة فنونين بينهما مثنّاة تحتية مصغّرا-: واد بين مكّة والطائف،

الصفحة 676