كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وهذا نهاية الجود الّذي لم يسمع بمثله في الوجود) .
وعن عائشة رضي الله [تعالى] عنها: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقبل الهديّة ويثيب عليها.
وكانت ولادته سنة: أربع وأربعين وخمسمائة، ووفاته سنة: ثلاث وثلاثين وستمائة بالقاهرة؛ وعمره قارب التسعين، ودفن بسفح المقطّم رحمه الله تعالى.
(وهذا نهاية الجود الّذي لم يسمع بمثله في الوجود.
و) أخرج الإمام أحمد، والبخاريّ في «الهبة» وأبو داود في «البيوع» ، والترمذيّ في «الجامع» في «البر» وفي «الشمائل» ؛
(عن عائشة) أمّ المؤمنين (رضي الله تعالى عنها: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يقبل الهديّة) ؛ طلبا للتحابب والتواصل، وفرارا من التباغض والتقاطع، إلّا لعذر؛ كما ردّ على الصعب بن جثّامة الحمار الوحشيّ؛ وقال: «إنّا لم نردّه عليك إلّا أنّا حرم» .
(ويثيب) أي: يجازي، والأصل في الإثابة: أن يكون في الخير والشرّ، لكن العرف خصّها بالخير (عليها) ؛ بأن يعطي المهدي بدلها، وأقلّه قيمة ما يساوي الهديّة، فيسنّ التأسّي به في ذلك، لكن محلّ ندب القبول حيث لا شبهة قويّة فيها، وحيث لم يظنّ المهدى إليه أنّ المهدي أهداه حياء، وإلّا! لم يجز القبول.
قال الغزالي: مثال من يهدي حياء: من يقدم من سفر ويفرّق الهدايا؛ خوفا من العار، فلا يجوز قبول هديّته؛ إجماعا، لأنه: «لا يحلّ مال امرىء مسلم إلّا عن طيب نفس» .
وكذا إذا ظنّ المهدى إليه أنّ المهدي إنّما أهدى له هديّته لطلب المقابل، فلا يجوز له قبولها؛ إلّا إذا أعطاه ما في ظنّه بالقرائن.

الصفحة 682